TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رسالة من أنباري

رسالة من أنباري

نشر في: 24 إبريل, 2015: 09:01 م

يندر أن يمر يوم عليّ دون ان تصلني فيه رسالة على الخاص من عراقية او عراقي يستنجد بي او يطلب مني طلبا. قارئ يشكو همّ البطالة وبؤسها وفي يده شهادة علمية تؤهله للعيش وخدمة وطنه. قارئة تركت عملها بفعل مضايقات لا أخلاقية من مسؤول "كبير". مواطن هدّ شبابه مرض لعين ولا يمتلك حتى اجرة التاكسي لتأخذه للمستشفى، فكيف به وعلاجه يحتاج الى مئات الآلاف من الدنانير؟ يناشدني أن أخصص ولو سطرا له في واحد من اعمدتي ويحسبه كافيا ان ينقذ حياته!
أمس وصلتني رسالة في أواخر الليل من نازح انباري، كتب فيها "ها انا اجتزت حاجز الكفيل بفضل صديق من بغداد. وجدت بيته مكتظا بنازحين كان قد كفلهم قبلي. الحال هنا لا تسر حتى العدو. اناشدك ان لا تنسانا كما نستنا الحكومة ومثلها السياسيون حتى الذين يقولون انهم منّا ونحن منهم. أنا على ثقة بان عمودا واحدا منك سيحرك ضمائر المسؤولين وكل من يظن اننا جئنا لنغزو بغداد او نحتلها نيابة عن داعش. ارجو ان تتقبل صراحتي. فوالله انني وعائلتي تمنينا لو متنا قبل هذا وكنا نسيا منسيا".
لو كنت أعلم أن العمود يعيّن عاطلا او ينقذ عراقية عفيفة من محاصرة مسؤول مراهق أشيب الرأس والعجيزة، او يفتح أبواب مستشفى رصين لعلاج مريض عراقي مجانا، لحولت كل خلية من خلايا روحي وجسدي الى أعمدة على مدار الساعة. في بلدنا اليوم لا ينفع مليون عمود في رفع الحيف عن عراقي مظلوم واحد. فيا أخي الانباري المغادر بيتك ظلما كيف تتوقع ان كاتبا مثلي سينقذ 100 ألف نازح جديد؟ لو كنت قربي الآن لم تجد عندي غير ان أشارك طفلتك الدمعة وقلبك الحسرة. ولو كانت املك شبرا مربعا واحدا في هذه الكرة الأرضية لتبرعت به قربانا تحت قدميك الهاربتين من الذبح والأسر والسبي.
إنني، وحق عذابك، مثلك. تمنيت ان اموت قبل هذه اللحظة التي اجد فيها نفسي أعزلَ عاجزا عن أن اجيبك. وان اجبتك فلن أغني عنك شيئا. انك تظن، ولا ألومك، ان الكلمة ستحرك ضمائر المفسدين وتجار الطائفية. ليتك تدلني على تلك الضمائر أولا. عشر سنوات خلت وانا اقلب مسيرة الذين تسلطوا على رقاب الناس بعد استغفالهم، فلم يصادفني ضمير حي إلا ما ندر. وهذا النادر جدا تجده مثلك ومثلي يدمدم في نومه وصحوه:
تتوچّه بيّه وانا من الميت أطلب حيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو احمد

    ناديت لو اسمعت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ان ماحصل في الانبار وصلاح الدين اضافة لطرد المسيحيين من ديارهم في الموصل وسبي وقتل الايزيديين هي جرائم يندى لها جبين كل عراقي شريف وان تقصير المسؤولين كافة ومواصلتهم لتجاهل هذه المأسي التي هي ثمرة فشلهم وفسادهمل

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram