اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الزراعة ضحية المستورد بإصرار حكومي!

الزراعة ضحية المستورد بإصرار حكومي!

نشر في: 24 إبريل, 2015: 06:01 م

ذات مساء وبعد انتهاء زيارة طارئة لشهربان مدينة الزهر والرمان كما كانت تسمى؟! طلبت من احد المعارف ممن يعمل في العلوة الشعبية الخاصة ببيع الخضار والفواكه "علاوة" قفص رمان. لم أكن أتوقع أي رد سوى تدلل عيوني بأجر يوصلك، لكن اجاب بصيغة السؤال: تريد رمان م

ذات مساء وبعد انتهاء زيارة طارئة لشهربان مدينة الزهر والرمان كما كانت تسمى؟! طلبت من احد المعارف ممن يعمل في العلوة الشعبية الخاصة ببيع الخضار والفواكه "علاوة" قفص رمان. لم أكن أتوقع أي رد سوى تدلل عيوني بأجر يوصلك، لكن اجاب بصيغة السؤال: تريد رمان مصري لو تركي؟! بعد هنيهة صمت تداركت الموقف: وماذا عن رمان شهربان ياصديقي؟ ضحك هذه المرة لكن بوجع.. رمان شهربان في قبضة داعش، الذي أهدر دم الرمان! 

نعم شهربان الحاضرة والعامرة ببساتين الرمان والبرتقال والعنب وفواكه عــدة حتى ان بعض مجرمي داعش العرب يصفون بساتينها انها الجنة عبرشريط فيديو منشور في موقع اليوتيوب. شهربان التي تمتلك ارضاً زراعية خصبة تزيد مساحتها على المائتي الف دونم وتحيط بها الانهار من كلَّ حدبٍ وصوب تستورد الفاكهة والرمان!

غلــق الحدود 

يقول احد اصحاب بساتين الرمان في شهربان: إن العديد من الفلاحين فوجئوا بإنخفاض الاسعار والسبب اغراق السوق بالرمان التركي والمصري والسوري، والأمر لا يقتصر على الرمان فقط، بل يسري على بقية الفواكه. وبسب الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالمنتوج الزراعي العراقي وخاصة الفاكهة طالبت لجنة الزراعة والمياه النيابية وزارتي الداخلية والزراعة بإغلاق المنافذ الحدودية مع إيران وتركيا ودعم المنتج المحلي وإعادة تفعيل الزراعة في العراق.
وقال عضو اللجنة عبدالهادي الخيرالله في بيان: إن الفواكه الأجنبية غزت الأسواق وأثرت على المنتج المحلي والزراعة العراقية بشكل عام لافتاً الى ضرورة تفعيل القطاع الزراعي ودعم المنتج وإعطاء أهمية للزراعة العراقية وعدم التركيز على المستورد.
المرزاع محمد طاهر مالك بستان للفاكهة يقول: في السابق كانت الفاكهة العراقية سمة من سمات التماسك الوطني، فلا تكاد مدينة او محل خضار يخلو من رمان شهربان او برتقال بعقوبة او تين كربلاء او رقي العظيم والخالص، منوهاً الى وجود مؤامرة على الزراعة الوطنية من خلال اغراق السوق المحلية بالفاكهة المستورة التي لا تصل الى جودة العراقية ولو بنسبة قليلة، داعياً الجهات المعنية الى ضرورة الاهتمام بالزراعة والبساتين وتقديم كل ما يلزم لإعادة الهيبة والمكانة الى الانتاج الزراعي الوطني.
 
سـد الحاجة المحلية
تحسين احمد صاحب مكتب لبيع الفوكه بالجملة تحدث عن سبب انتشار الفاكهة المستوردة قائلا: لا يخفى على أحد ان اكبر منتج ومصدر للفاكهة في العراق هي مناطق حوض دجلة وخاصة، ديالى ، بلــد ،الدحيل، سامراء ، الضلوعية وغيرها من المناطق، كما لا يخفى على أحد الظروف الأمنية التي عاشتها هذه المناطق وسيطرة الجماعات الارهابية على أجزء كبيرة منها مما أدى الى شل المناطق كافة كونها مرتبطة بشبكة طرق زراعية وانتاجية، مضيفا: نقص الانتاج المحلي نتيجة تضرر البساتين مع ارتفاع الطلب على الفاكهة استوجب فتح السوق امام المستورد الذي دخل منافساً قوياً للمحلي بسبب رخصه بشكل رئيس وتوفره طوال ايام السنة.
الى ذلك أكد عضو لجنة الزراعة والمياه البرلمانية محمد الصيهود في تصريح صحفي: على ضرورة حماية وتشجيع الانتاج الوطني والمحافظة على اسعاره ، مشيراً الى ان استيراد الفواكه والخضر من دول الجوار الهدف منه السيطرة على الاسعار، وان فتح الابواب على مصراعيها امام المنتجات المستوردة سيؤثر بلا شك على الانتاج الوطني.
واوضح الصيهود ان العراق أحوج ما يكون اليوم الى دعم الانتاج الوطني من اجل الوصول الى الاكتفاء الذاتي، لاسيما وانه يمر بأزمة مالية، مضيفاً ان هذه الازمة تحتاج الى تضافر جهود كل الوزارات من اجل خروج البلد من هذه الازمة، داعياً وزارة الزراعة الى دعم الانتاج الوطني من خلال تفعيل قانون حماية المنتج الوطني والسيطرة على المنافذ الحدودية لمنع دخول الخضراوات من الخارج بغية الحفاظ على الانتاج المحلي.
وأوضح عضو لجنة الزراعة والمياه البرلمانية محمد الصيهود ان مجالس المحافظات معنية باصدار قرارات تتعلق بايقاف استيراد المنتجات الزراعية من خارج العراق، فضلاً عن قرارات وزارة الزراعة من أجل النهوض بالزراعة العراقية.
 
 
دعــم الدولة
التحديات بهذا الشأن كبيرة وكثيرة منها سوء الادارة والتخطيط وعدم وجود رؤية مبنية على اُسس علمية حديثة للنهوض بالواقع الزراعي عموما والبستنة وما يتعلق بها خصوصا. عن هذه التحديات يقول الخبير الاقتصادي د. احمد الرواي: التحديات كثيرة ومتعددة منها انفتاح السوق المحلية للسلع المستوردة من دول الجوار لاسيما الفواكه والخضر، مع غياب الضوابط والقواعد الخاصة بالاستيراد الامر الذي ادى الى اغراق السوق بالمحاصيل المستوردة حيث انتج منافسة غير متكافئة اخذت تهدد مستقبل الانتاج الزراعي الوطني في ظل اوضاع اقتصادية غير مستقرة وازمة مالية تعصف بالاقتصاد الوطني.
وأوضح الخبير الاقتصادي ان الزراعة كانت تمثل القطاع الأهم في حياة المجتمع العراقي فهي تشكل نسبة جيدة من الناتج المحلي مثلما كانت تسهم في نوظيف اليــد العاملة، داعيا الى ضرورة وضع ستراتيجية لتعزيز ودعم الزراعة المحلية في مواجهة هذه التحديات .
الرواي اشار الى اهمية اعادة دعم الدولة لهذا القطاع الحيوي والنهوض به من جديد كونها معتمدة بشكلا كامل على ستراتيجات وخطط الدولة. 
 
 
فواكه مسرطنة
اشارت تقارير منشورة في المواقع الالكترونية الى ان الكثير من الفواكه المستوردة من دول عربية واقلمية مصابة بمواد مسرطنة تشكل خطراً على صحة الفرد المستهلك، إذ يقول المعاون الصحي راهي عبدالرضا: قدر ما هناك فوائد في قشور التفاح الا ان تدخل الانسان حال دون هذه الجدوى من خلال تغليف قشرة التفاح بمادة شمعية "مسرطنة" تغطي القشرة لإبقاء الفاكهة مدة طويلة للحفظ، وكل ذلك على حساب صحة المستهلك. 
من جهتها أعلنت وزيرة الصحة عديلة حمود في مؤتمر صحفي مع لجنة الصحة البرلمانية عن عدم التأكد من وجود فواكه محقونة بمواد مسرطنة أو عدمه، مشيرة إلى توجيه دوائر الصحة العامة بمتابعة فحص الفواكه المستوردة عبر فرق جوالة. 
وبحسب تصريح لوزراة الزراعة الاردنية ان العراق يستورد قرابة 500 الى 700 طن من الخضراوات والفواكه الاردنية التي تورد عبر شاحنات غير مبرّدة؟! وزارة الزراعة العراقية، نفت، تلوث الفواكه المستوردة بمواد مسرطنة، وفي الوقت الذي اكدت تحملها المسؤولية الكاملة حول ذلك، مشيرة الى ان المادة الشمعية المغلفة للثمرة يأتي للحفاظ عليها من التلف.
وقال الوكيل الفني للوزارة مهدي ضمد القيسي: ان هذه الأقاويل لا تعدو كونها اشاعات ومنافسة تجارية غير شرعية، مضيفا: ان الشركات المصدرة للفواكه تقوم بتغليف هذه الفاكهة بمواد شمعية للحفاظ عليها من التلف والتجاعيد التي تتعرض لها، وخاصة إذا ما عرفنا ان الفواكه سريعة التلف نتيجة التبخر الحاصل بها. مبينا ان المادة الشمعية هي مادة غذائية وتسمى (فود كريب) بمواصفات غذائية تحافظ على الثمرة من التلف.

 

فارزة

 

واقع القطاع الزراعي ومشاكله لا يختلف عن اي قطاع انتاجي آخر في العراق وقد تكون المشاكل الرئيسة في خفض الانتاج الزراعي الوطني متمثلة في هيكلية استغلال الأراضي العراقية، الصالحة للزراعة، الإنتاجية الزراعية والمكننة الحديثة، مشكلة الري وتوفير المياه، ملوحة التربة والاستصلاح، المستوى المعيشي والاقتصادي لطبقة الفلاحين التي اتسمت بالتردي وانتشار الفقر والعوز والجهل والمرض في صفوفهم. 
وبالرغم من تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي بعد ثورة تموز 1958 وتوزيع الأراضي عليهم وتحريرهم من اسطوة الإقطاعيين، الان ان تطبيق تلك الإجراءات لم يرافقها تطبيق نظام متكامل للإنتاج الزراعي يعالج المشاكل كافة من لحظة حرث الارض الى لحظة التسويق، مع اهمية اتاحة الفرصة والمجال امام الفلاحين لاستخدام وسائل المكننة والري الحديثة التي لم تدخل حتى وقتنا هذا وما دخله منها في الفترة السابقة جرى تحديثه ايضا حتى الجمعيات التعاونية لم تكن قادرة ومؤهلة لإنجاز المهام المؤكلة لها بسبب سيطرة ذات الجهات المتحكمة بادارة ملف الزراعة الأمر الذي حوله في فترة معينة الى عقبة في تسيير الزراعة وزيادة الانتاج. الشيء الآخر هو غياب دور دائرة للبستنة والغابات إحدى تشكيلات وزارة الزراعة التي تتولى تطوير نشاطات البستنة والغابات لما لها من أهمية في تطوير القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي . 
عوامل تدهور الإنتاج الزراعي متعددة وكثيرة فقد أدى تحول السياسة الاقتصادية وتطبيق إجراءات اقتصاد السوق المفتوح إلى إلغاء إجراءات الحماية وفتح أبواب التجارة الخارجية على مصراعيها عن طريق إلغاء نظام المنع والإجازات، وتخفيض الرسوم الكمركية وإلغائها فيما بعد لغالبية المنتجات الزراعية المستوردة، الأمر الذي نجم عن منافسة غير متكافئة بين المستورد المعروف بخفض تكاليف الانتاج والتسويق، والانتاج الوطني الذي يعتمد على قدرة الفلاح وامكانياته المحدودة فقط جراء غياب دور الدولة، وبالتالي انعكس الامر على هجرة قطاع الزراعة الذي لم يعد يسد تكاليفه. وبرغم كل مطالبات الفلاحين بضرورة دعم الانتاج الزراعي وتوفير ما كان يقدم من أسمدة وأجهزة ومعدات زراعية ووسائل الوقاية من الأوبئة الزراعية ومواد أخرى مستوردة بأسعار رخيصة تقل كثيرا عن كلفها الحقيقية التي يتحملها الفلاح بالوقت الحاضر مع اهمية ان تشترى الدولة جزءاً من المنتجات الزراعية بأسعار تنافسية مع الأسعار الداخلية دعماً للفلاحين. وبسبب تراجع الدعم الحكومي وفتح السوق امام المستورد من دون رقابة او قوانين ضابطة تمنع دخول الفاكهة في وقت جنيها المحلي على سبيل الذكر، الامر الذي سيحوّل اقتصاد البلد الى ريعي صرف وهذا ما تعمل عليه بعض الجهات مثلما يوضح ذلك واقع الحال، وإلا ماذا نسمي عجز الدولة ووزارة الزراعة عن إعادة الهيبة للزراعة العراقية لتكون وارداً آخر للاقتصاد الوطني؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram