TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراق: لوحة سيريالية

العراق: لوحة سيريالية

نشر في: 26 إبريل, 2015: 09:01 م

التفاؤل مطلوب لكسر أطر الإحباط وتحطيم جدران اليأس، والتفكير الإيجابي، محبب ومحبذ، وتخطي الصعاب وتجاوز الأهوال سمة الشعوب الحية، وميزة قيادتها الحكيمة.
ولكن ما يحدث في عراق اليوم تجاوز كل منطق، وغدا استثناء كسر كل قاعدة.
…………..
في إحدى اللقطات التلفزيونية، رأيت مسؤولا كبيرا يغص بالضحك، كمن سمع نادرة لم تخطر على بال أحد! وشهدت آخر يبتسم بديبلوماسية مفضوحة، رغم كيل الأتهامات التي يجرجرها وراءه،، لمحت سياسيا عراقيا يقهقه، حتى لتخاف على زجاج الشاشة ان يتصدع،، رأيت احدهم يهم بالضحك، وحين يلمح دوران مصباح الكاميرا نحوه، يتصنع الجد ببراعة ممثل قدير، رأيت البعض في اجتماع لمجلس الوزراء، يسوون أربطة (أعناقهم) او يعدلون كشائدهم او عماماتهم ٠(أعمتهم)وغتراتهم وعباءاتهن، ساعة تدخل الكاميرا لنقل وقائع الجلسة،،راقبت النواب أثناء انعقاد الجلسة يتبادلون الأحاديث الجانبية — كما في مقهى — والمناقشات محتدمة حول آخر المستجدات على الساحة، راقبت البعض منهم يتجشأ بعد وجبة طعام دسمة في المطعم القريب،
تابعت منظر الحشود تهرول ملتاعة - إثر كل انفجار، للاطمئنان على أهاليهم وتفحص جثث الضحايا ملقاة على اسفلت الشارع او الرصيف، سمعت عن رجال لم يخرجوا من بيوتهم اتقاء القبض عليهم بالظن او الشبهة او الكيد. سمعت عن تسريب - تهريب - المليارات من ثروات البلاد خارج الحدود، وكأن لا من شاف ولا من درى، مليارات تشيد مدنا وتبني بيوتا ومدارس و.. و..
راقبت بفزع جموع مهجرين يتدافعون كيوم الحشر، يتمايلون فوق جسر بدائي عائم يميد بهم كلما مادت الريح. ويتهددهم الغرق كلما جنح المد والجزر،
رأيت وسمعت وشممت روائح عطن وشياط، وتساءلت: كيف يمكن لعراقي سوي ان يتنعم بنومة دون كوابيس؟ كيف له ان لا يغص بلقمة؟ ولا يشرق بجرعة ماء؟
لا سامح الله الفضائيات، ألقتنا في أتون المعاناة. ونحن على مبعدة آلاف الأميال، ونحن على مقربة، كقرب البؤبؤ من مقلة العين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram