إذا صحت الأرقام التي اعلنتها وزارة الداخلية، من ان ضحايا الثرثار هم 14 وليس 140 كما تناقلت الانباء، فان هذا الرقم التقريبي رغم اعتباره ضئيلا بالنسبة للبيان الوزاري، الا انه يدل على ان عقلية كتبة البيانات الرسمية لم تتغير، مثلما قيمة الانسان العراقي ايضا لم تتغير، منذ اعوام واعداد القتلى والمهجرين والمشردين في تصاعد، كانوا عشرة الاف، فاصبحوا عشرين، وخمسين ثم مئة، وبعدها لم تعد للارقام قيمة، وتتذكرون ان اكثر من الف عراقي خاضوا حرب الحياة في سبايكر، لم يجدوا حتى اللحظة الفاصلة بين الموت والحياة اي مسؤول يقف منتظرا عسى ان يتم انقاذهم، لكن الساسة والمسؤولين ذهبوا صوب مايكرفونات الاعلام يبثون ويحتجون وينددون، فيما عوائل الضحايا لا تزال حتى هذه اللحظة تنتظر من يمد يده اليها لينقذها من العوز والفقر والتشرد.
جميع التقارير الدولية تؤكد أن عام 2014، هو الأكثر قتلاً وتشريداً ودماءً في العراق، حروب المدن وضياع الموصل والسيطرة على تكريت وفقدان السيطرة على ثلاثة أرباع الأنبار. وسيحسب لنا المتابعون والمتخصصون حتى لحظة كتابة هذا المقال مجموع القتلى، اما آلاف المشردين والمهجّرين والهائمين في دروب الغربة، فهم مجرد ارقام لا يتذكرها ساستنا الا في مهرجانات الشعوذة السياسية.
عندما تكون هناك قضايا كبرى مثل معركة الامتيازات والمناصب، لا يعود هناك مكان للقضايا التافهة، مثل أوضاع المهجّرين وتدمير الاقتصاد، وزرع اليأس في نفوس الناس، وتفريغ البلاد من الكفاءات وتحويل الوطن إلى مخيّم كبير للنازحين!، القضايا الاهم هي استمرار نفس الثقافة التي كانت تصفق لمختار العصر، وهو يتحدث عن سحق الارهاب، فيما عدد الضحايا يرتفع يوما بعد اخر، وهي التي تجعل البعض من مسؤولينا يفرح لان الرقم كان 14 وليس 140، فيما البعض الاخر يصاب بهستريا قاتلة، لان الرقم لم يكن 140، فدماء الابرياء لابد ان تصبح مادة مسلية في الصراع على المناصب، عشرات القتلى كل يوم وايدينا مكتوفة خلف ظهورنا، فيما البعض يحول المأساة الى نكتة سمجة، ولايهم ان يكتب في صفحته على الفيسبوك معلقا 4 نكات للعبادي، ما هذه الفصاحة والبلاغة ياسيدتي النائبة؟ انها حياة ابرياء ومصائر مدن.
لا ندري كم هو عدد القتلى والنازحين والمشردين في حكومتي المالكي، لان البعض يريد لنا ان نتذكر دوما خطب الاربعاء، وندرّسها في المدارس والجامعات من دون كلمة استنكار واحدة، فكل ما حصل خلال الثماني سنوات الماضية كان ناجحا، وان سقوط الموصل ومعها تكريت مؤامرة للتشويش على الانجازات الباهرة، حكايات الفساد التي افرغت ثروات البلاد مجرد اكاذيب، بما فيها الاموال التي صرفت على الكهرباء والمشاريع الوهمية وصفقات الاسلحة الوهمية.
يقول الصيني كونفوشيوس: "يفوز من ينظر إلى الحياة بعينين اثنتين" لكنك ياسيدتي ومن معك تهدرين وقتنا ومستقبلنا، لانك تتأملين حال الناس بعين واحدة مصابة بالرمد.
فيسبوك "الزعيمة"
[post-views]
نشر في: 26 إبريل, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ياسين عبد الحافظ
الاغلبية المطلقة من البعثيين كانوا يشبهون السيدة المذكورة فى مقالك،وللتاريخ فان بقية النسبة كانت تصمت وهى تتفرس الوجه المقابل لكنها لاتطيل زمن التفرس مايكفى حتى تنقلب على لحظات التفرس لتعود مع سربها(الاغلبية المطلقة) تاركة المقابل لوحده، ونظرةمحيرةكلها جب