TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فيسبوك "الزعيمة"

فيسبوك "الزعيمة"

نشر في: 26 إبريل, 2015: 09:01 م

إذا صحت الأرقام التي اعلنتها وزارة الداخلية، من ان ضحايا الثرثار هم 14 وليس 140 كما تناقلت الانباء، فان هذا الرقم التقريبي رغم اعتباره ضئيلا بالنسبة للبيان الوزاري، الا انه يدل على ان عقلية كتبة البيانات الرسمية لم تتغير، مثلما قيمة الانسان العراقي ايضا لم تتغير، منذ اعوام واعداد القتلى والمهجرين والمشردين في تصاعد، كانوا عشرة الاف، فاصبحوا عشرين، وخمسين ثم مئة، وبعدها لم تعد للارقام قيمة، وتتذكرون ان اكثر من الف عراقي خاضوا حرب الحياة في سبايكر، لم يجدوا حتى اللحظة الفاصلة بين الموت والحياة اي مسؤول يقف منتظرا عسى ان يتم انقاذهم، لكن الساسة والمسؤولين ذهبوا صوب مايكرفونات الاعلام يبثون ويحتجون وينددون، فيما عوائل الضحايا لا تزال حتى هذه اللحظة تنتظر من يمد يده اليها لينقذها من العوز والفقر والتشرد.
جميع التقارير الدولية تؤكد أن عام 2014، هو الأكثر قتلاً وتشريداً ودماءً في العراق، حروب المدن وضياع الموصل والسيطرة على تكريت وفقدان السيطرة على ثلاثة أرباع الأنبار. وسيحسب لنا المتابعون والمتخصصون حتى لحظة كتابة هذا المقال مجموع القتلى، اما آلاف المشردين والمهجّرين والهائمين في دروب الغربة، فهم مجرد ارقام لا يتذكرها ساستنا الا في مهرجانات الشعوذة السياسية.
عندما تكون هناك قضايا كبرى مثل معركة الامتيازات والمناصب، لا يعود هناك مكان للقضايا التافهة، مثل أوضاع المهجّرين وتدمير الاقتصاد، وزرع اليأس في نفوس الناس، وتفريغ البلاد من الكفاءات وتحويل الوطن إلى مخيّم كبير للنازحين!، القضايا الاهم هي استمرار نفس الثقافة التي كانت تصفق لمختار العصر، وهو يتحدث عن سحق الارهاب، فيما عدد الضحايا يرتفع يوما بعد اخر، وهي التي تجعل البعض من مسؤولينا يفرح لان الرقم كان 14 وليس 140، فيما البعض الاخر يصاب بهستريا قاتلة، لان الرقم لم يكن 140، فدماء الابرياء لابد ان تصبح مادة مسلية في الصراع على المناصب، عشرات القتلى كل يوم وايدينا مكتوفة خلف ظهورنا، فيما البعض يحول المأساة الى نكتة سمجة، ولايهم ان يكتب في صفحته على الفيسبوك معلقا 4 نكات للعبادي، ما هذه الفصاحة والبلاغة ياسيدتي النائبة؟ انها حياة ابرياء ومصائر مدن.
لا ندري كم هو عدد القتلى والنازحين والمشردين في حكومتي المالكي، لان البعض يريد لنا ان نتذكر دوما خطب الاربعاء، وندرّسها في المدارس والجامعات من دون كلمة استنكار واحدة، فكل ما حصل خلال الثماني سنوات الماضية كان ناجحا، وان سقوط الموصل ومعها تكريت مؤامرة للتشويش على الانجازات الباهرة، حكايات الفساد التي افرغت ثروات البلاد مجرد اكاذيب، بما فيها الاموال التي صرفت على الكهرباء والمشاريع الوهمية وصفقات الاسلحة الوهمية.
يقول الصيني كونفوشيوس: "يفوز من ينظر إلى الحياة بعينين اثنتين" لكنك ياسيدتي ومن معك تهدرين وقتنا ومستقبلنا، لانك تتأملين حال الناس بعين واحدة مصابة بالرمد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ياسين عبد الحافظ

    الاغلبية المطلقة من البعثيين كانوا يشبهون السيدة المذكورة فى مقالك،وللتاريخ فان بقية النسبة كانت تصمت وهى تتفرس الوجه المقابل لكنها لاتطيل زمن التفرس مايكفى حتى تنقلب على لحظات التفرس لتعود مع سربها(الاغلبية المطلقة) تاركة المقابل لوحده، ونظرةمحيرةكلها جب

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram