اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا داعش يغلبنا دعائياً؟

لماذا داعش يغلبنا دعائياً؟

نشر في: 28 إبريل, 2015: 09:01 م

ماذا يعني أن يُعلن رئيس الوزراء ووزير الدفاع وسواهما ان هذا النزوح شبه التام الكامل لسكان مدن وبلدات وقرى في محافظة الأنبار لم يكن له أيّ مبرر، وانه حصل فقط بسبب حرب الإشاعات التي عدّها السيد العبادي "أكثر فتكاً من السلاح"؟
المعنى الوحيد لهذا الكلام ان داعش كانت له الغلبة في الحرب الدعائية – النفسية. والأمر كذلك في الواقع، وأول وقائع هذه الغلبة سُجِّلت في العام الماضي عندما دخلت فلول داعش الى مدينة الموصل من دون أية مقاومة، ومن ثم تقدمت بسرعة صاروخية نحو صلاح الدين وأربيل وكركوك والأنبار وديالى وصولاً إلى مشارف العاصمة.
الجبهة الدعائية – النفسية جبهة رئيسة في الحروب.. هذا ما يعرفه جيداً العسكريون المحترفون والإعلاميون المحترفون، والمفترض السياسيون المحترفون أيضاً. داعش غلبنا في المرة الماضية لأننا لم نستثمر في العسكرية الاحترافية ولا في الإعلام الاحترافي، ولا في السياسة الاحترافية قبل ذلك وبعده. والآن يغلبنا داعش دعائياً ونفسياً في جبهة الأنبار لنفس الأسباب تقريباً، ولكن على وجه الخصوص لأن إعلامنا متخلف وفاشل.
لم يكن داعش قوياً عندما اجتاح الموصل وما وراءها.. نحن كنّا ضعيفين عسكرياً وإعلامياً وسياسياً .. والآن هو يغلبنا على جبهة الحرب الدعائية - النفسية وينجح في تفريغ المدن والبلدات والقرى من سكانها الذين كان من المفترض أن يكونوا جزءاً من القوات المحاربة ضد داعش، أو في الأقل سنداً وظهيراً لها، لأننا بالدرجة الأساس لم نكن فعّالين إعلامياً ونفسياً... شائعات داعش وجدت لها طرقاً سالكة الى الأنباريين، وساعده في هذا ليس فقط المغفلون في جبهتنا، وإنما أيضاً المغرضون الذين لا همّ لهم ولا قضية غير تصفية الحسابات مع غيرهم، وبينهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع، فيما كان إعلامنا يجلس في مقاعد المتفرجين.. الضوضاء التي كان يُصدرها لا علاقة لها بالإعلام ولا صلة لها بالحرب الدعائية النفسية.
إعلام الدولة لدينا فاشل لأنه مثقل بالبيروقراطية ومتخم بالموظفين والفضائيين، ولأنه قبل هذا جرى تحويله الى إعلام حكومي، خلافاً لأحكام الدستور، ويُراد الآن جعله بموجب القانون إلى دائرة رسمية شبيهة تماماً بوزارة الإعلام في العهود السابقة. مشروع القانون الذي أعدته الحكومة السابقة وقدّمته الحكومة الحالية الى مجلس النواب يُفضي الى هذا، واذا ما أجازه المجلس سنقرأ الفاتحة لآخر مرة على روح إعلام الدولة.
الإعلام غير الحكومي (الحزبي والمزعوم انه مستقل) لم يكن في هذه الحرب ولا في أي وقت آخر بأفضل حالاً من إعلام الدولة – الحكومة. باستثناء ثلاثة أو أربعة من الصحف وقناتين تلفزيونيتين أو ثلاثة ومثلها محطات إذاعية، كل الصحف ومحطات التلفزيون والإذاعة الباقية تعمل لحساب أحزابها وملّاكها.. الهمّ الوطني لا يأتي الا في آخر الاهتمامات، أغلبها مشاريع قائمة للترزّق والتربّح وغسيل الأموال، تموّلها جهات سياسية داخلية وخارجية، وفي بعض الحالات دوائر حكومية.. والغرض أبعد ما يكون عن الوطن ومصالحه والشعب وهمومه، وأولها همّ الاحتلال الداعشي.
كما الجيش وسائر القوات الأمنية، الإعلام لدينا، وأوله إعلام الدولة – الحكومة، في حاجة ماسّة الى إعادة الهيكلة والبناء، وإلا سنظلّ مغلوبين دعائيا ونفسياً.. وعسكرياً بالضرورة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    ضعفنا الاساسى هو كوننا متفرقين ليس الى سنة وشيعه فقط وليس عربا وكوردا فقط بل للشيعة عشرون فرقه سياسيه وكدلك السنه لهم أحزاب و منظمات سياسيه متعددة والكورد لهم أيضا 6-7 فرقه متعدده-----وكل زعيم يريد ان يضم الاخرين تحت زعامته-في الدول المتقدمه هناك قانون ان

  2. ياسين عبد الحافظ

    اود ان اسجل اليوم نقطة عليك يااستاذ،لمقالك فمن نحن المقصودين فى كلامك؟ الذين انتصرت عليهم داعش، ارجو الا يغيب عليك اننا لازلنا وطن تحت التكوين والصيرورة، لقد حاول صدام قبل داعش وفشل والنسبة لا تقارن بينهم!!العالم تغير ،لا مجال لنا الا ان نعيش مع العالم ف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram