العراق، ولأكثر من سبب، كثـُر أعداؤه حقيقة. وقد يكون من أهم أسباب جلبه للعداوات، رعونة حكامه السابقين وسوء إدارتهم لشأنه. هناك مثل كنت اسمعه في قريتنا أيام طفولتي لا احفظه نصا ،بل أتذكر مغزاه: يصفون الذي يأتي بالبلاوي على نفسه بأنه كما الدجاحة التي تبحث وترمي التراب على رأسها. وهكذا هم اغلب ساستنا اليوم. فبدلا من ان يقللوا أعداء العراق، يزيدونهم. أكثر من ذلك انهم يتفننون في قلب الصديق عدواً. أما الأشد من ذلك كله انهم يعطون العدو حججاً جاهزة لتبرير نزعاته العدائية ضدنا، في الوقت ذاته يحرجون الصديق فلا يدري كيف يتصرف معنا؟ باختصار، انهم يأتون بما يُسر العدو ويُغيظ الصديق!
ساستنا عندما يرون ان الأعداء تكاثروا والأصدقاء تنصلوا يرمون اللوم على العدو والصديق من دون مراجعة نقدية لأنفسهم. هناك قاعدة بسيطة جدا تحرج العدو وتريح الصديق وهي: ان تتصرف صح، وهذه تكشف حتى العدو المتستر.
لنعد لزمن الولايتين المشؤومتين ونأخذ الثانية منهما مثالا، لأن رئيس الحكومة، في آنها، استبد وصار يتخبط، ظل الأعداء يترقبون فقط. تركنا اعلامهم واكتفى بالتفرج علينا، لماذا؟ لان صاحب الولاية الثانية كفّاهم ووفّاهم. صار ينوب عنهم في تحقيق أهدافهم. احسبوا، مثلا، عدد الحلقات التي تناول بها برنامج "الاتجاه المعاكس" قضية العراق في زمن الثانية. ربما تجدونه صفراً او ربما اكثر من الصفر بدرجة او درجتين، ليش؟! لأنهم لم يكونوا بحاجة لها، لكن ما أن لاحت لوائح إبعاد المالكي عن الحكم حتى عادت القناة لاستضافة العراقيين، ليتناطحوا في ما بينهم، ثم بعد ذلك تبعتها قنوات عربية كثيرة فقدت بوصلة مهنيتها وموضوعيتها بفعل بوادر حسن تصرف الحكومة الجديدة.
ما الذي يريده العدو غير ان يراك تخوط وتخربط؟ فان كنت تقوم بذلك لوحدك فعلام يشغل نفسه بك؟ لا يخافك العدو إلا حين تُحسن التصرف. وهذا الذي صار بعد سقوط كابوس الولاية الثالثة. وضح لأعداء العراق قبل أصدقائه ان المسار قد تغير وان حكومة اليوم ليست كسابقتها: صار هناك توافق هادئ مع الكرد وكذلك مع السُنـَّة ثم جاء الانتصار في تكريت. هنا صار اعلام العدو هو الذي يخوط ويخربط هذه المرة. النتيجة هي انك ان رأيت الإعلام المضاد او المعادي فقد توازنه وصار يخربط فإنك تشتغل صح. والعكس صحيح أيضا.هذا عن الأعداء اما عن الأصدقاء فإلى الغـد.
اشتغل صح .. تحرج عدوَّك
[post-views]
نشر في: 1 مايو, 2015: 09:01 م