اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حرية الصحافة.. أينها في يومها؟

حرية الصحافة.. أينها في يومها؟

نشر في: 2 مايو, 2015: 09:01 م

ربما كنّا، منذ التاسع من نيسان العام 2003 أفضل بلد في الشرق الأوسط على صعيد حرية التعبير.. كان هذا بسبب إجراءات اتخذتها سلطة الاحتلال التي ألغت وزارة الإعلام وأصدرت قرارات ضمنت حرية التعبير بالأشكال المختلفة، وبالذات عبر الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى.
بقينا على هذي الحال سنوات عدة قبل أن تكشّر حكومة السيد نوري المالكي الثانية عن أنياب طويلة وأظافر حادة على هذا الصعيد .. حدث ذلك على وجه الخصوص يوم قرر عشرات الآلاف من العراقيات والعراقيين التمتّع بحقوق كفلها لهم الدستور الذي استفتي عليه الشعب أواخر العام 2005، بتنظيم تظاهرات سلمية، ابتداء من شباط 2011، للمطالبة بتحقيق الوعود الانتخابية والبرنامج الحكومي وتوفير الأمن والخدمات العامة، ووضع حدّ لهدر المال العام ونهبه عبر الفساد الإداري والمالي، وإصلاح العملية السياسية وتعديل مسارها المنحرف.
تلك الحكومة تعاملت مع المتظاهرين بالطريقة المألوفة التي اعتادت عليها الحكومات الدكتاتورية، باللجوء الى القمع والعسف، وهو ما طال مؤسسات إعلامية وإعلاميين لم يرتكبوا أي ذنب ولم ينتهكوا أي قانون... كانوا فقط يقومون بواجبهم في نقل ما يجري في ساحات العاصمة والمدن الأخرى وشوارعها.
بعد ذلك اندفعت تلك الحكومة بقوة لتشريع قوانين مقيّدة للحريات التي أقرّها الدستور، فضغطت لتشريع قانون "حقوق الصحفيين" الذي تحوّل في التطبيق الى قانون للحدّ من حقوق الصحفيين، وسعت لتشريع قوانين أخرى (جرائم المعلوماتية وحرية التعبير)، التي لو شُرّعت لكانت وصمة عار كبرى في جبين كل فرد من أفراد الطبقة السياسية المتنفذة، لأنها بكل بساطة لا تليق إلا بنظام من نمط نظام صدام حسين... باختصار فان من مفارقات عهدنا "الديمقراطي" ان ما منحتنا إياه سلطة الاحتلال، على صعيد حرية التعبير، عملت لسلبه "سلطتنا" الوطنية!
ربما لم نزل البلد الأفضل في المنطقة على صعيد حرية التعبير، ليس فقط بدلالة مبادئ الدستور وأحكامه وقرارات سلطة الاحتلال النافذة، وإنما أيضاً لأن الحكومة الحالية لم تشأ أن تقتفي آثار سابقتها.. ثمة تحسّن لا بأس به في هذا المجال.. لم نعد نرى قوات مدججة بالسلاح وبالوجوه الكالحة ترتاب في أمر الصحفيين حتى لو كانوا يصوّرون الأشجار النامية في شارع أبو نواس، وتطاردهم وتنتزع قمصانهم لتضربهم بهراواتها وتجعل منهم فرجةً للعالمين، ترهيباً لهم وتخويفاً لمن يراهم، ولم تعد المؤسسات الإعلامية تخشى من عمليات دهم لمقراتها من جانب القوات الحكومية (صار الخوف من قوات غير نظامية شاءت أن تأخد القانون بأيديها)!
لكن هذا لا يكفي.. إنه لا يشكّل حتى الحدّ الأدنى المطلوب لكفالة حرية الصحافة، وسائر أشكال حرية التعبير.
لا ديمقراطية من دون حرية التعبير، ولا حرية تعبير من دون حرية الصحافة، ولا حرية صحافة من دون حرية تدفق المعلومات (حرية الوصول الى المعلومات وحرية نشر المعلومات) التي هي حق ليس للصحفيين وعموم الإعلاميين حسب، وإنما لكل المواطنين.
كل الكلام الذي سيقال اليوم، وهو اليوم العالمي لحرية الصحافة، عن تقدّمنا في طريق حرية التعبير في عهد الحكومة الحالية لن يكون ذا معنى من دون تشريع قانون يكفل حرية الوصول الى المعلومات لكل الناس وحرية نشر هذه المعلومات عبر وسائل الإعلام التقليدية ووسائط الإعلام الجديد.
وهذا وحده لا يكفي أيضاً فلا مناص من ضمان حرية العمل الصحفي والإعلامي، المحكومة بأخلاقيات المهنة وبالقانون العام ولابدّ من كفالة الحقوق المهنية والمعيشية للاعلاميين، وهذا ما يتطلب إعادة النظر جذرياً في القانون المسمى "حقوق الصحفيين" ليكون اسماً على مسمّى، بخلاف ما هو عليه الآن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الشمري فاروق

    كم انت رائع ايها العزيز

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram