لم يخيّب مجلس النواب ظنّي ولم يحطّم أملي فيه، فقد أثبت لي مرة أخرى وأخرى انه، كما أعرفه والآخرون عنه، يستحق تماماً ما ختمتُ به عمودي ليوم أمس الأول عندما دعوتُ القراء الكرام الى قراءة الفاتحة عن أرواح "أعضاء المجلس الموتى – الأحياء".
وأول من أمس لم يضيّع مجلسنا الموقّر الوقت، فثبّت على عجل عضوية عضوه المدعو مشعان ركاض ضامن الجبوري.. لم يتسن لي مشاهدة تسجيل جلسة التثبيت، لكنني أتخيّل الآن ان المجلس أنجز المهمة على طريقة لعبة الـ"طرّة كِتبة"، أو الـ "طرة نقش"، بلغة اخواننا أهل بلاد الشام. أتخيّل ان رئيس المجلس أو أحداً من نائبيه، عندما حلّت فقرة النظر في عضوية مشعان، قد قذف في الهواء عملة نقدية أردنية أو تركية أو خليجية او أوربية مما تبقى في جيوبهم من رحلاتهم الخارجية الكثيرة (من بركات عهد صدام وعهدنا الحالي اختفاء نقودنا المعدنية)، وقال ان الطرّة لتثبيت العضوية والكِتبة لبطلانها فكانت الطرّة وكان التثبيت!
لا يمكن تفسير ما جرى بغير هذا، فلجنة النزاهة النيابية والمفوضية العليا للانتخابات تقدمتا، كما أُعلِن قبل جلسة السبت الى رئاسة المجلس بتقرير مفاده ان مشعان لم يُقدّم عند ترشحه للانتخابات شهادة دراسية (الثانوية فما فوق) عراقية أو أجنبية مصدقة، كما تقتضي شروط خوض الانتخابات.. هل كانت اللجنة والمفوضية تكذبان؟
لكنّ المشكلة الحقيقية مع المجلس في قضية مشعان ليست في ما إذا كانت عملية ترشحه وخوضه الانتخابات التي لم يفز فيها في الواقع (مُنح مقعداً تعويضياً) صحيحة أم باطلة .. المشكلة ان أحداً من أعضاء المجلس "الموتى – الأحياء" لم يهبّ من مقعده ليقول: يا جماعة ترا هذا الشخص كان لسنوات يحرّض علناً على الإرهاب عبر محطات فضائية له ولغيره، وكان يستعدي على البرلمان والحكومة وعلى العملية السياسية ويتهم العراقيين بمثل ما كان يتهمهم به سيده السابق صدام حسين، بوصفهم "فرس مجوس".
المشكلة مع مجلس النواب ان أحداً من أعضائه لم يستنكف - دعك من الشعور بالعار- من أن يكون زميله في المجلس إرهابياً مسؤولاً عن مقتل وإصابة الآلاف من العراقيين وتدمير ممتلكاتهم، فالقانون النافذ الذي شرّعه المجلس نفسه قد جعل المحرّض على الإرهاب في حكم المنفذ والمخطط للعمليات الإرهابية.
منذ أيام أضطر رئيس الوزراء إلى التخلي عن واحد من أفضل شبابنا الإعلاميين، هو رافد جبوري، بعدما نبش الذين لهم غرض وغاية مع السيد العبادي في مخلفات نظام صدام ووجدوا أغنية فاشلة لم تبث لجبوري تتغنى بصدام، لكن هؤلاء ومعهم أعضاء مجلسنا الموقّر "الموتى الأحياء" لم تتحرك في عروقهم قطرة وطنية أو إنسانية واحدة ليسألوا رئيس مجلس النواب ونائبيه وأنفسهم أيضاً كيف أوتوا الشجاعة ليقبلوا بتثبيت عضوية إرهابي في مجلسهم فيما يرزح في المعتقلات والسجون المئات من المتهمين ظلماً وعدواناً بالارهاب؟؟
مجلس الطرّة كتبة !
[post-views]
نشر في: 3 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ياسين عبد الحافظ
نت اتمنى ان يكون مقالك اليوم حول التصويت التاريخى برا ى والذى جرى حول التسليح، ولو ان موضوع مقالك لا يقل اهمية وقد اوفيت واجدت الوصف والتحليل، لكنى لا ازال انتظر اراءكم انت وسرمد وعلى وعلاء ارجو منكم التغطية للمو ضوع لاهميته التاريخية والمستقبلية،لا يفوت