كل حقبة زمنية تمر، تحمل معها دلالاتها وتدمغ عليها بصمات أصابعها، وبالتالي شيوع مصطلحاتها.
ذات حقبة، راج استعمال (الإمبريالية )، والتي صارت تقحم طي كل مقال، وتتلوى إثر كل تصريح. وهي لفطة أعجمية الأصل. عربت، لتعني بين ما تعنيه، الاتجاه السياسي المتصف بالسيطرة والتوسع، وقيل إنها درجة من درجات الاستعمار.
ثم راج تعبير( الإنتهازية )، مصطلح غلب على طروحات الكتاب للتعبير عن نمط من الأخلاق غير المستحبة، فالانتهازي — الساسة وسواهم — هو كل نهاز للفرص، من يحسن الاستفادة من الظروف - حتى العصيبة - وتطويعها لخدمته ولمصلحته، سبقه وزامنه مصطلح (البرجوازية) والأصل فيها- البرجوازي - ساكن المدينة، ثم تطورت فصارت تعني ذاك المتمتع بحقوق خاصة، كالرفاه والترف، وغدت عند العمال تعني السيد المطاع، وربما حمل المصطلح معناه السلبي، كتهمة جاهزة او شتيمة حين تستوجب الشتيمة.. ثم عاصرنا مصطلح (الديموقراطية) التي صارت علي لسان كل من هب ودب، دون الإيغال العميق بمعناها السامي، ثم تداولت الأقلام مصطلح (الديماغوجية)، وهو مصطلح أخذ سبيله عبر كتابات علماء الاجتماع والسياسة، وهي تعني الطريقة التي يتملق بها جمهور العامة نفرا من المتنفذين. ولا بد من الإشارة، إلى ان البعض قد ترجم المصطلح بـ (الغوغائية)، ثم تواترت على الأسماع مصطلحات عديدة منها :(المحسوبية) التي طغت استعمالاتها ويراد منها إيثار المسؤول المتنفذ، لجماعة من رواده ومقربيه، كشرط للولاء المطلق، رغم افتقارهم للحد الأدنى من الخبرة والكفاءة.
كما طرق اسماعنا مصطلح (الوصولية)، والوصولي هو من لا يقف دون مصلحته الشخصية أي عائق: ديني او اخلاقي او اجتماعي، فهو يرتكب ما يرتكب من محظورات، دون خوف من مساءلة، او تحسبا من تأنيب ضمير.
الآن… يواجهنا مصطلح (الطائفية): كأعنف واقسى ما مر بنا من سوءات المصطلحات. وباسمها، يجري كل هذا الاحتراب، وجز الرقاب وأنهار الدم، والتهجير والترويع، والخراب، فمتى وكيف يتسنى للعراقي غير المسيس، غير المنتمي إلا لإنسانيته ولمفهوم الوطن ان يقبع في سفينة مخروقة تتقاذفها رياح الأعدقاء (الأعداء الأصدقاء) يراقبون غرقها الوشيك الذي خطط له بروية محسوبة٬ ويتم تنفيذه عن عمد وتصميم وسابق إصرار وترصد.؟!
سطوة المصطلحات
[post-views]
نشر في: 3 مايو, 2015: 09:01 م