TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذا ما نريد .. حضرة النائب!

هذا ما نريد .. حضرة النائب!

نشر في: 5 مايو, 2015: 09:01 م

لم يكشف عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، النائب مسعود حيدر، عن سرّ دفين ولا أماط اللثام عن لغز محيّر، فما قاله أمس يعرفه القاصي والداني من العراقيين وجيرانهم وجيران جيرانهم وكل من له اهتمام بشؤون العراق.
السيد حيدر قال في تصريح صحفي أمس ان الحكومات السابقة (العراقية بالطبع وليست الصومالية مثلاً) قد "خالفت المادة 62 من الدستور العراقي خلال الـ 12 سنة التي مضت لأنها لم تقدّم الحسابات الختامية مع مشاريع الموازنات المالية لكي يصوّت عليها مجلس النواب"، (السومرية نيوز). والمادة 62 تُلزم مجلس الوزراء بأن يقدّم مع مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن كل سنة الحسابات الختامية للسنة المنصرمة. وهذا حكم دستوري باتّ وقطعي، ولا تجوز استناداً له التفرقة بين تقديم مشروع قانون الموازنة والحسابات الختامية مثلما لا تجوز التفرقة بين "لا تقربوا الصلاة" و"وأنتم سكارى"!
الحكومات السابقة لم تقدّم الحسابات الختامية لأيّ من السنين الماضية، والحقّ ليس على تلك الحكومات البائسة وحدها وإنما على مجالس النواب الأكثر بؤساً، التي كانت شاهد زور على انتهاك مبادئ الدستور وأحكامه في الكثير من المرات والحالات كما لم ينتهك صدام حسين، مثلاً، دستور دولته.
ليس ما يتعلق بقانون الموازنة العامة والحسابات الختامية هو الانتهاك الوحيد من جانب الحكومات والبرلمانات السابقة، فمن الصعب للغاية أن نفتّش عن مادة في الدستور ظلّت ناصعة البياض لم تتدنس بعملية انتهاك من جانب الحكومات أو البرلمانات السابقة.
هل تريدون أمثلة؟... (جيبوا ليل وخذوا عتابا) كما يقول مثلنا الشعبي.. إليكم بعض الأمثلة:
الدستور كرّس مبدأ المواطنة ولم يشترط لأي منصب في الدولة هوية دينية او طائفية او قومية او سياسية، فلم يقل ان رئيس الجمهورية كردي بالضرورة وله ثلاثة نواب احدهما شيعي والاخر سني والثالث بين بين، ورئيس مجلس النواب عربي سني بالضرورة وله نائبان ورئيس مجلس الوزراء عربي شيعي بالضرورة ومن حزب الدعوة بالذات وله نائبان أو ثلاثة.
والدستور لم يحكم بالمحاصصة الطائفية القومية لكي تتعامل كُتل البرلمان والحكومة مع مناصب الدولة العليا والوسطى بوصفها غنيمة تتقاسمها الأحزاب والكيانات على وفق قاعدة: شيعة، سنة، كرد.
والدستور لم يقضِ بنزع استقلالية الهيئات المستقلة كيما تأخذ الحكومتان السابقتان (اللتان ترأسهما نوري المالكي) راحتهما الكاملة في إلحاقها بها وتسخيرها لمصلحة رئيس الحكومة شخصياً.
والدستور لم يتضمّن حرفاً واحداً يبيح للحكومة العدوان على نحو سافر على الحريات والحقوق العامة، وفي مقدمها حرية التعبير، كما فعلت الحكومة السابقة (حكومة المالكي الثانية).
والدستور لم يُشرعن الفساد الإداري والمالي لكي تتخذ الحكومة، ومعها البرلمان، موقف المتفرج حيال قطعان الفاسدين والمفسدين التي اجتاحت جهاز الدولة بأكمله على النحو الذي اجتاح به تنظيم داعش الارهابي ثلث مساحة البلاد في يومين وليلتين فيما قادة الجيش والشرطة، وعلى رأسهم قائدهم العام، يتفرجون فحسب!
ليس جديداً علينا ان الحكومات السابقة قد انتهكت الدستور في ما خصّ الحسابات الختامية، فهذا نعرفه تمام المعرفة ونعرف الكثير غيره. ما لا نعرفه ونريد الآن معرفته: أين ذهبت مئات مليارات الدولارات التي وُضعت في أيدي الحكومات السابقة ورؤسائها؟ كيف جرى التصرّف بها؟ ما الذي أُنفِق منها وما الذي تبقّى؟ وعلامَ أُنفِق ما أُنفِق؟ .. كيف حصل ان الحكومة الحالية تسلّمت ميزانية خاوية وشعباً يتسول في بلد نفطي!؟
هذا هو الجديد الذي يريد الشعب العراقي أن يعرفه من برلمانه أيها النائب مسعود حيدر.. هل بوسعك تنويرنا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    مادا تنتظر ياايها الاستاد العزيز عدنان حسين من شعب وحكومته الدين عاشوا في الفساد الكامل لمدة 40 سنه ؟؟؟ البعث سيطر على الحكم لاجل ان يسيطروا على الثروة العامه------ان احمد حسن البكر وصدام وكل من معهما كانوا يعيشون عيشه الفقراء وارادوا ان يعيشوا عيشة الم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram