يحلو لبعض المسؤولين أن يصوّروا جلوسهم على كرسي السلطة بأنه جلوس اضطراري، لم يكن يريدونه ولم يسعوا إليه يوما، ولو خيروا بين السلطة وابسط وظيفة لاختاروا الثانية لأنها تريح أعصابهم وتجعلهم يتفرغون لكتابة مذكراتهم، ومن يسمع تصريحات البعض منهم سيتصور أن العراقيين وقفوا على الأبواب يذرفون الدموع ويلطمون الخدود ويستحلفونهم بكل عزيز من اجل أن يستمروا في جلوسهم على كرسي المنصب.
البعض يريد أن يوهم الناس بأنه قبل المهمة على مضض وبضغط من بعض الأحباب، والبعض الآخر يحلف باغلظ الايمان بانه سيخرج من المنصب، مثلما دخله خالي الوفاض الا من رحمة الله باعتباره " تقيا" و" نقيا" ويطلب الاخرة ولا تهمه ملذات الدنيا، اما حديث التوازن والاستحقاق الطائفي فهي لزوم مايلزم على حد قول عمنا المعري فقد خرج علينا النائب عدنان الاسدي ليبشرنا بان هناك محاولة لتبادل وزارة الداخلية مع وزارة اخرى لاتحاد القوى ولتكن وزارة الدفاع، نظرية الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية السابق " التبادلية " والتي تعني ان المسؤول لن يغادر منصبه حتى وان كان فاشلا وانما ستتم عملية تغيير نوع كرسيه ذكرتني بخبر طريف نشر امس الاول حيث نقلت وكالات الانباء ان وزير الداخلية اليوناني السابق أرجيريس دينوبولوس قام بنشر إعلان على شبكة الإنترنت للبحث عن فرصة عمل، وكتب الوزير على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي أن هذا أمر طبيعي في السياسة، فالذي لا يفوز في الانتخابات يتعين عليه أن يعمل.. لو سألت أي عراقي عن رأيه في هذا الوزير سيقول عنه انه إما ساذج أو مجنون، فهل هناك وزير يبحث عن فرصة عمل، طبعا مثل هذه التصرفات تبدو ساذجة لأنها تدخل في دائرة المستحيلات ونحن نرى مسؤولين يرفضون مغادرة كراسي السلطة حتى لو تم إحراق نصف الشعب.
وحين اقرأ أخبار خسائرهذا الشعب من اجل كرسي المسؤول أتذكر حكاية الأعرابي الذي دخل على معن بن زائدة فوجده جالسا على كرسي وثير فهجاه قائلاً:
"أتذكر إذ لحافك جلد شاة.. وإذ نعلاك من جلد البعير
فسبحان الذي أعطاك ملكا.. وعلمك الجلوس على السرير
نظرية عدنان الاسدي بتبادل الكراسي الوثيرة تجعلنا نموذج الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سليفا فهذا السياسي العصامي استطاع بفضل نزاهته وحكمته وإصراره على إشاعة روح العدالة الاجتماعية أن يحدث اكبر التحولات السياسية والاقتصادية في بلاده، وحين اطمئن إلى أن كل شيء يسير في الطريق الصحيح نفض يديه من السلطة وقرر أن لا ولاية ثالثة حتى وان كان سببا في إنقاذ الملايين من العوز والتسلط وحول بلادهم إلى فردوس على الأرض فالنزاهة في السياسة لا تقل أهمية عن النزاهة في الاقتصاد فهما طريقان يؤديان إلى الغرض نفسه، وهو إسعاد الشعوب لا إنعاش الجيوب.
وزير يبحث عن وظيفة
[post-views]
نشر في: 6 مايو, 2015: 09:01 م