تمر اليوم الذكرى السبعون للانتصارعلى النازية، وليس هناك أفضل من الاحتفال بهذه المناسبة مع السيمفونية التاسعة لدمتري شوستاكوفيتش (1906 – 1975). أعلن شوستاكوفيتش قبل فترة من بدايته تأليف هذا العمل الرائع، أنه سيكتبه لأوركسترا ضخمة مع كورس ومغنين
تمر اليوم الذكرى السبعون للانتصارعلى النازية، وليس هناك أفضل من الاحتفال بهذه المناسبة مع السيمفونية التاسعة لدمتري شوستاكوفيتش (1906 – 1975). أعلن شوستاكوفيتش قبل فترة من بدايته تأليف هذا العمل الرائع، أنه سيكتبه لأوركسترا ضخمة مع كورس ومغنين منفردين، تماماً مثل تاسعة بيتهوفن التي تعتبر سيمفونية السيمفونيات. يا له من تحدٍ وجد شوستاكوفيتش نفسه فيه! فالرقم 9، والمناسبة العظيمة في الانتصار على الهتلرية سيجبران أي موسيقار على تقمص روح بيتهوفن في تاسعته العظيمة. لكن مهلاً، كتب شوستاكوفيتش سيمفونية قصيرة ومرحة، مليئة بالإشارات الذكية والغمزات الموسيقية، على العكس من سيمفونياته الملحمية السابقة، سيمفونية لنينغراد (السابعة، 1941) والسيمفونية الثامنة (1943). أولاً اختار شوستاكوفيتش الاوركسترا الكلاسيكية التي استعملها هايدن، مع تعزيز قسمي النحاسيات والايقاع، واختار كذلك الشكل السيمفوني الهايدني التقليدي للحركة الأولى، شكل السوناتا، لكن الأهم من ذلك، استعار المرح والنكتة من هايدن سيّد المفاجأة والمرح، والسيمفونية مكتوبة بروحية ما يسمى بالكلاسيكية الجديدة. ثانياً: نجد ضمن الحركات الثالثة والرابعة والخامسة (تؤدى بشكل متصل دون توقف) إشارات موسيقية خفية كما يذكر الموسيقار ليونارد برنستين في تحليله لهذا العمل المهم. مثلاً بعد فقدان الحركة الثالثة (سكرتسو) لزخمها ووقوع الموسيقى في "حيرة" نغمية، تصدمنا الترومبونات في قسم النحاسيات بمقطع جبار وعنيف، تجيب عليه أداة الباسون بلحن يذكرنا مطلعه بالجزء الأخير من الحركة الرابعة لتاسعة بيتهوفن، اللحن الذي تؤدية أدوات التشلو والكونترباص تمهيداً لنشيد الفرح. تعاود النحاسيات الهجوم، فيجيب الباسون بلحن نخاله صدىً لتاسعة مالر، وكأن الباسون هو صوت شوستاكوفيتش الخجول المتواضع يقول: كان علي أن أكتب تاسعة مثل تاسعة بيتهوفن أو مالر، لكني لن أفعل ذلك. يقول بعض النقاد أن صوت الترومبون هو إشارة إلى ستالين، لكن برنستين لا يتفق مع هذا الرأي. على العموم رأينا في مناسبات سابقة، أن شوستاكوفيتش استعمل مراراً الاشارات السرية في أعماله ليوصل رسالته، مثل اقتباس ألحان موسيقيين آخرين أو استعمال توقيع اسمه بالأحرف الموسيقية (ره – مي دييز – دو – سي D-Es-C-H) كما رأينا عند الحديث عن رباعيته الوترية رقم 8 (1960).
يختتم شوستاكوفيتش السيمفونية بحركة تتصاعد سرعتها تدريجياً، حركة تذكرنا بأجواء السيرك الاحتفالية وتنتهي بصورة سريعة مفاجئة على خلاف الختام المعهود للسيمفونيات بشكل عام.