في الخامس من الشهر المقبل سيكون العرب على موعد مع مرور ثمانية واربعين عاما على نكسة الخامس من حزيران ، وبعد خمسة ايام من هذا التاريخ سينشغل العراقيون بنكبة الموصل لمناسبة مرور عام على حصولها ، فيما اللجنة البرلمانية المشكلة لمعرفة ملابسات سقوط المدينة لم تنجز اعمالها بعد ، تحتاج الى سقف زمني آخر لتشخيص المقصرين من القادة الامنيين والمسؤولين ، ومنذ تشكيلها استجوبت اللجنة شخصيات عسكرية ومسؤولين محليين في حكومة نينوى ، فضلا عن وزير الدفاع الحالي خالد العبيدي بوصفه احد اهالي الموصل المنكوبة بسوء ادارة الملف الامني قبل نكبتها، ثم بكتم انفاسها بقبضة عناصر تنظيم داعش .
نكبة الخامس من حزيران العربية دخلت في ملف النسيان ، تستذكرها قوى سياسية في المنطقة لتعلن تمسكها بمشروعها القديم بشعارات تنشرها الصحف ، وندوات تلفزيونية تبثها الفضائيات ، النكبة العربية اتخذت مسارا آخر بسياسة التطبيع ، فشهدت عواصم عربية افتتاح سفارات اسرائيلية ، تستقبل يوميا عشرات الشخصيات السياسية لتعميق العلاقات الى مستوى ذراع ونصف في عمق الارض ، الخامس من حزيران في الذاكرة الشعبية العربية في الوقت الحاضر اصبح مجرد تاريخ يستعيده الجيل السابق بندم بوصفه شكّل لهم خيبة امل كبيرة ، تناولها الكتاب باعمال ادبية، وفنية بلوحات تشكلية وعروض مسرحية في محاولة لمعالجة جروح عميقة خلفتها النكبة في نفوس من عاصرها ، اما على مستوى المعالجة السياسية ، الخامس من حزيران منح الحكام العرب فرصة المكوث الاطول في السلطة ، فانتقلت الى الابناء والاحفاد ، مع تعديلات للدستور لغلق الابواب امام الرياح الديمقراطية بمزاعم تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة الاعتداءات الخارجية والمؤمرات الصهيونية .
تداعيات نكبة حزيران العراقية تجسدت بمظاهر سبي نساء الاقليات ، وموجة نزوح واسعة وتهجير قسري من المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، رافق ذلك تدمير وتخريب المواقع الاثرية والشواهد التاريخية القديمة . المجتمع الدولي، حين شعر بأن الارهاب بات يهدد امن المنطقة اعلن تشكيل تحالفه الجديد لمساعدة ودعم الحكومة العراقية لتتمكن من اعادة سيطرتها على مدنها المغتصبة .
موقف التحالف الدولي بعد مرور عام على ولادة جيل النكبة ، من وجهة نظر اطراف عراقية مشاركة في الحكومة لم يصل بعد الى مستوى خطورة النكبة ، فهي تطالب بالمزيد من الطلعات الجوية ، لتدمير معدات العدو ، وتحرير نينوى قبل ان تنهي لجنة التحقيق بسقوط الموصل اعمالها واعلان نتائجها ، اصحاب هذا الموقف يبحثون عن خبز باب الاغا : حار ومكسب ورخيص ، يصلح لتشريب البامية ، يتناوله الساسة مع "راس بصل" قبل الصعود الى منصة المؤتمرات الصحفية، للتنديد بجريمة سقوط الموصل مع التشديد على وحدة الصف الوطني لمواجهة الارهاب وحسم الخلاف بين الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية بخصوص افضلية تناول البصل اليابس ام الاخضر مع تشريب البامية .
جيل النكبة
[post-views]
نشر في: 9 مايو, 2015: 09:01 م