اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من أين جاء السفهاء إلى الأعظمية؟

من أين جاء السفهاء إلى الأعظمية؟

نشر في: 15 مايو, 2015: 06:01 م

ما الذي كان يدور في خلد ذلك الشاب السفيه الذي حرص على أن يرسم باثنين من أصابع إحدى يديه علامة النصر ويرفعها بإصرار أمام الكاميرا، فيما ألسنة اللهب ترتفع بضراوة من خلفه في المبنى التابع للوقف السُني والبيوت المجاورة في أعظمية بغداد؟
من الواضح انه كان سعيداً للغاية، ممتلئاً بالإحساس بالنشوة .. صورته التي انتشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، فضحت الشعور بالنصر وبالفخر الذي اجتاحه، ولِمَ لا يغمره شعور كهذا مادام قد أتمّ المهمّة بنجاح فائق! .. هو لم يفكّر بفحوى المهمة التي أنجزها ولا بمضمون النصر الذي اجترحه .. لم يكن وحده بالطبع فحواليه كان العشرات مثله، ومثلهم أو أكثر كانوا خارج إطار الصورة المُلتقطة .. ليس بالضرورة انهم كانوا متفقين سلفاً على مؤامرة مدبّرة... واحد أطلق هتافاً أو شائعة، وواحد قذف بحجارة، وواحد أشعل ناراً .. وفي الأثر سار القطيع.
كيف لم يفكّر هؤلاء الشبان بان المبنى الذي هاجموه وأضرموا النار فيه هو مبنى حكومي وان الحكومة مالكة المبنى هي حكومتهم، فستون بالمئة في الأقل من وزرائها ومسؤوليها هم من طائفتهم وعلى مذهبهم؟.. كيف لم يتنبّهوا إلى ان البيوت والسيارات التي هُوجمت وأُحرقت مع مبنى إدارة الاستثمار في ديوان الوقف السُني هي ممتلكات لمواطنين، مثلهم، في الدولة التي يقود السلطة فيها ويتحكّم بها مكوّنهم (الشيعي) عبر أغلبيته في البرلمان والحكومة والقضاء والهيئات "المستقلة"؟

لا تقولوا انهم مندسّون، وكفى .. المندسّون لا يحضرون بأجمعهم .. يتسرّب منهم واحد أو اثنان أو ثلاثة أو عشرة بالكثير إلى الصفوف مع رهانهم على القطيع الذي سيقوم بالمهمة المُبتغاة.
قطيع السفهاء ما كان له أن ينقاد للمندسّين لو لم يكن مستعداً في الأساس للقيام بالمهمات القذرة من النوع الذي جرى في الأعظمية، بوعي أو من دون وعي في الغالب.. إنهم يتدربون ذهنياً على هذه المهمات في البيت وفي الدربونة وفي المدرسة وفي الجامع وعبر الخطاب السياسي و"الإعلامي" المسموم .. تحاصرهم الدعاية الطائفية والمذهبية من أربع جهاتهم وتشحنهم بروح التشدد والتعصب على مدار الساعة .. الآخر شيطان، والشيطان عدو الله والنبي والأئمة والدين والمذهب، وكل ما ينزل بهذا الآخر المُشَّيطن هو مما يرضي الله والنبي والأئمة، وفيه خدمة للدين والمذهب وله عوض وأجر من جنة وحور عين وسواهما.. فكيف لا ينقاد السفهاء لهتاف المندسّ ولحجارة المندسّ ولنار المندسّ، حتى لو أُضرِمت في مبنى للحكومة التي يقودها أبناء المذهب وللدولة التي تتحكم بإدارتها أحزاب الطائفة وكتلها؟
تلفّتوا حواليكم .. في البيت والدربونة والمدرسة والجامع لتجدوا ان هؤلاء الذين رسموا شارة النصر بعدما دمروا وخرّبوا وأضرموا النار في الأعظمية وكادوا أن يحرقوا البلاد طولاً وعرضاً هم ممن خرجوا من هناك .. من بيوتكم ودرابينكم ومدارسكم وجوامعكم وخطابكم السياسي و"الإعلامي" المسموم، ولم ينبثقوا من باطن الأرض أو ينزلوا من وراء الغيم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram