ليس لرئيس وزرائنا، حيدر العبادي، نظير أو شبيه أو مثيل بين أنداده من رؤساء الحكومات في القارات الخمس وأوقيانوسيا. لا أعني بهذا من حيث الهيئة العامة أو الشكل أو من حيث المؤهل العلمي أو الخبرة السياسية والإدارية إنما شيء آخر يتفرّد فيه السيد العبادي عن حق.
في النظام الديمقراطي يتولى رئيس الحكومة منصبه بعد فوز الحزب الذي يتزعمه في الانتخابات التشريعية بأغلبية مقاعد البرلمان، وإذا لم يتحقق له ذلك يكون لزاماً عليه أن يسعى لتشكيل أوسع ائتلاف برلماني وحكومي. وفي الحالين فان رئيس الحكومة سيحظى بأقوى دعم من حزبه أو من ائتلافه عبر نواب الأغلبية في البرلمان. وفي هذا بالذات لا يشبه السيد العبادي أي رئيس حكومة آخر في الدول الديمقراطية التي يزيد عددها عن المئة بين الدول التي تتشكل منها الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة.
لم يفز حزب السيد العبادي (الدعوة الإسلامية) بأكبر عدد من مقاعد مجلس النواب، بل ان تمثيل الحزب ضئيل للغاية (16 مقعداً) لكنّ كتلة دولة القانون التي ينضوي الحزب في إطارها تقدّمت الكتل الأخرى من دون أن تحصل حتى على الأكثرية البسيطة التي تؤهلها للانفراد بتشكيل الحكومة، فقد أحرزت 93 مقعداً فقط من 328، ما اضطرها الى تأليف كتلة برلمانية أكبر هي "التحالف الوطني" (177 مقعداً) الذي لم يكن بإمكانه هو أيضاً تشكيل حكومة بمفرده بسبب انه ائتلاف طائفي خالص (شيعي)، وتشكيل حكومة منه كان سيعني إدخال البلاد في حرب أهلية طاحنة وتمزيقها في النهاية. الخيار الوحيد الذي كان متاحاً للعبادي، كما لسلفه نوري المالكي في ولايتيه الاثنتين، تشكيل حكومة توافق وطني من ممثلي كل الأحزاب والكتل الفائزة في الانتخابات، وهو ما كان.
المفروض أن توفّر هذه التشكيلة وضعاً مريحاً للسيد العبادي، وهذا بالضبط ما كان يحتاجه هو وحكومته لمواجهة التركة قاصمة الظهر التي ورثها من حكومة السيد المالكي الثانية: الاحتلال الداعشي لثلث مساحة البلاد، والموازنة الخاوية، والفساد الإداري والمالي المتفشي في كل مفاصل الدولة وزواياها، فضلاً عن انهيار أسعار النفط، وعدم وجود مصدر بديل للدخل الوطني، وغير ذلك كثير جداً. لكنّ العبادي وحكومته بدل أن يتوفر لهما الوضع المريح لمواجهة هذه التحديات الضخمة، واجههما منذ أيامهما الأولى عمل مشاغب منظّم من العيار الثقيل، سياسي ودعائي، والهدف إفشال مهمة الحكومة الجديدة في معالجة الأوضاع الصعبة والمعقدة.. والمفارقة ان تلك المشاغبة متأتية بالدرجة الأولى من أطراف نافذة في حزبه وفي كتلته (دولة القانون)، فيما تحالفه الأكبر (التحالف الوطني) لم يعوّضه بإسناد وطيد.
رأس العبادي مطلوب.. هذا ما يدركه هو وكل نظّارة المشهد السياسي المأساوي الجاري الآن، وليس أمامه إلا العمل للتطويح بالسيف المسلط على رقبته .. أهمّ ما يتعيّن عليه أن يفعله، بالتعاون مع القوى التي يفترض أن تقف إلى جانبه، تشريع قانون جديد يحظر على الرؤساء الثلاثة (للجمهورية والبرلمان والحكومة) تولي مناصبهم أكثر من دورتين اثنتين سواء كانتا متصلتين أو متفرقتين.
لا أرى مخرجاً غير هذا، وأظن انه يحظى في الوقت الراهن بتأييد الأغلبية في البرلمان.
مخرج العبادي
[post-views]
نشر في: 16 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
hameed
قيل قديما لا يصلح العطار ماافسده الدهر وانا اقول لايصلح العبادي ماافسده المالكي .
قالح ياسين الربيعي
كل الاحداث تشيرالى ان العبادي يعاني من معادات اقرب الناس اليه وهو الاشد وقعاً اضافة الى اعداء العراق المعروفين وليس امامه غير التوجه الى القوى التي همها استقرار العراق ولا طريق غير ذلك فعلا .