اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ايزنهاور العراقي

ايزنهاور العراقي

نشر في: 16 مايو, 2015: 09:01 م

وانا منشغل مثل باقي العراقيين بمتابعة اخبار الرمادي، تذكرت تعليقا لباحث انكليزي ادلى به قبل بضعة اسابيع وهو يتحدث عن المهمة العسيرة لرئيس الحكومة حيدر العبادي. فهو يقول ان على الرجل ان يصبح مثل دوايت ايزنهاور، الرئيس الاميركي المعروف والجنرال الذي قاد جيوش الحلفاء ضد هتلر في قاطع عمليات اوربا.
كان ايزنهاور يقود اكثر من ١٥ جيشا تتكلم ٨ لغات، وفصائل تحررية فرنسية والمانية وبولندية..الخ، وظل النجاح في هذه المهمة يتطلب مهارة فريدة في التحكم بتناقضات هذا الخليط العسكري غير المتجانس، ضد الجيش النازي الاكبر في التاريخ.
وقد لاحظ الباحث الانكليزي ان انهيار جيش العراق في حزيران العام الماضي، ادى الى ظهور جيوش بديلة صغيرة وكثيرة ومتناقضة سياسيا وميدانيا، وبات من الواضح ان كسب المعركة ضد داعش لن يتم الا بمناورة ايزنهاورية، تتولى توحيد هذه الجيوش المتناثرة والمتناقضة، بالحد الادنى من معاني الوحدة والتنسيق والانسجام. وبالفعل فان داعش تستغل هذا الانقسام وتتقدم علينا في احيان كثيرة، مستفيدة من غياب "الدور الايزنهاوري". ودونما شك فان القائد الاميركي لم يكن يجترح معجزة فردية او بطولة شخصية، بل اتيح له النجاح لان خصوم هتلر استطاعوا توليد تصور سياسي موحد عن الخطر الذي مثلته النازية. وحين توحد التصور السياسي، بات من الممكن للقيادات المتنوعة ان تنسجم الى درجة تتيح النصر. اما في الحالة العراقية فان الف ايزنهاور لن يتمكنوا من تحقيق التقدم المطلوب، الا اذا نجحنا في انتاج رؤية سياسية تتفق على معنى داعش كتنظيم عنفي اختلط بانفعال اجتماعي غاضب ويائس ومستوى من التلذذ بالجريمة مهول ومتفاقم، وايضا الاتفاق على مرحلة ما بعد داعش وما تعنيه سياسيا وأمنيا واداريا.
وحتى الان فاننا لم نبلغ الحد الادنى من الاجابة على الاسئلة الكبيرة لهذا المنعطف المهول، بل يبدو اننا نتهرب منها في احيان كثيرة، بينما تواجهها داعش بصلافة نادرة.
وقد اتيح لي ان ألتقي هذه الايام عددا من الساسة الذين اكن لهم تقديرا. واستمعت الى وجهات نظر مسؤولة. واخرى تبعث على التفاؤل. لكن تفسيرهم لجمود الحوار الوطني وتلكؤ تنفيذ الاتفاقات المبرمة منذ الخريف، يشبه انسداد حركة السير التي يلاحظها الناس كل ظهيرة في زقاق خلف سينما اطلس ببغداد، حيث تزدحم سيارات تاكسي محملة بمواد خشبية وجبسية واشياء اخرى تعود لمحلات الديكور المنتشرة هناك، والتي لا ديكور فيها اساسا، ونتيجة لعناد اثنين من سائقي المركبات، تنغلق كل المسارات في زقاق طويل يبدأ قرب ساحة التحرير ولا ينتهي الا خلف سينما اطلس. وبسبب جنون وعناد بضعة اشخاص في مستوى القيادة السياسية، يجري تخريب الكثير من المبادرات الطيبة، وينغلق المسار وتتعقد المسالك، فتنفتح الابواب للمزيد من التدخل الخارجي الذي ينقلنا الى دوامة اكثر تعقيدا، وقد يصل بنا الى لحظة عجز وطني عن اتخاذ القرارات المهمة، وفقدان القدرة على تحديد خيارات الحرب والسلم، وارجو اننا لم نبلغ هذه المرحلة فعليا.
اما اجمل المقولات المنسوبة لصاحبنا ايزنهاور، فتنص على ما يلي: اذا لم تستطع حل مشكلة فقم بتضخيمها!
ويبدو لي احيانا ان العراق مشكلة عجز العالم عن حلها طوال عقود، فقام بتضخيمها. اما ادوات تضخيم المشكلة العراقية فهي نحن العراقيون انفسنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram