انشغلت معظم صحف النرويج منذ أيام، بخبر ضياع ثلاثة من صغار طيور البطريق، وتصدرت الصفحات الاولى صور الشباب الذين تطوعوا لمساعدة الشرطة، اخبار البطاريق الصغار صرفت المحطات الفضائية عن خطاب ملك النرويج بمناسبة ذكرى الاستقلال، النرويجيون حائرون، يا الهي ماذا حدث لهذه الحيوانات البريئة، وبأي حق يستهين البعض بحياة بطاريق بريئة؟
مع هذا الخبر الذي سيثير سخرية العراقيين بالتأكيد، تذكر أيها القارئ عدد الذين هجروا من بيوتهم في الموصل وتكريت والانبار وديالى، وتحولوا الى ارقام في سجلات الامم المتحدة، وأتمنى عليك ان تمسح من ذاكرتك ارقام الضحايا.
ملك النرويج وعائلته لم يكونا يوما ضمن اهتمام وسائل الاعلام، والمواطن النرويجي لا يهمه امر البرلمان، ولا يسال عن ما يجري في غرف الحكومة، لكنه يدرك جيدا ان المسؤول الحكومي مجرد موظف غير مسموح له ان يخطئ، فالاخطاء الصغيرة نهايتها كتاب استقالة واعتذار، ولهذا ربح المواطن النرويجي معركة البطاريق، لان للحياة معنى وقدسية، بعكس العراقي السيئ الحظ، والسيئ المصير والمستقبل.
منذ سنوات ونحن نعيش في ظل تهريج أمني، نستطيع أن نطلق عليه غفلة وتقصيرا وإهمالا وشراء ذمم، دون ان يتم عقاب سريع للقيادات الأمنية المسؤولة عمّا جرى ويجري من كوارث، من يتفحص سيناريو المأساة التي حدثت في الموصل وبعدها في الانبار سيصاب بالصدمة والدهشة حين يعلم أنها وقعت في بلد به أكثر من مليون منتسب للقوات الأمنية، وبه مسؤولون ظلوا يصدعون رؤوسنا بأننا نعيش أزهى عصور الاستقرار، وطائفة من الخبراء الأمنيين المنتفخين جهلا يضعون إجاباتهم وتحليلاتهم على الأسئلة التي تثيرها الفواجع والمآسي.
ولأننا نعيش في صولات "ظهر الحق وزهق الباطل" فالمطلوب أن لا تثار أسئلة عن عدد المهجرين في العراق، ولماذا تعجز القوات الأمنية عن حماية الأبرياء، ومن سمح للإرهاب ان يقتحم بيوت الناس، لا جواب حتما. ماذا يعني مقتل مئة او مئتي شخص وجرح العشرات وتهجير الآلاف، ما دام مجلس النواب منشغلا بمناقشة مشروع قانون إنضمام جمهورية العراق الى بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ وبالقراءة
الثانية لمشروع قانون قانون التضمين "اتمنى ان لاتسخروا من جهلي فقد بحثت في الاخبار والصحف عن قانون التضمين ولم اجد ضالتي حتى كتابة هذه السطور"؟
ينسى "تماسيح" السياسة العراقية أن للضحايا والمشردين أسماء وبطاقات سكن وذكريات، ولعلهم يعتقدون ان ما يجري في الانبار جزء من برنامج الكاميرا الخفية، ولا يريدون ان يتابعوا ما يجري على جسر بزيبز، لانهم مصرون على ان يؤكدوا لنا كل يوم ان لا امل في الخروج من ظلام الطائفية والانتهازية والمحسوبية واللصوصية، وان ينقلونا من احضان الحياة الى احضان الخوف وسراديب القبور.
الكاميرا الخفية في الأنبار
[post-views]
نشر في: 18 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
قتل بطريق في غابه جريمة لا تغتفر وقتل شعب امن قضية فيها نظر -----الانسان العراقى كان اغنى راسمال في العصور السعيديه والقاسميه--عبدالكريم وقع 17 اعدام فقط الى يوم استشهاده في 9 شباط 1963 وفى دلك اليوم واليوم قبله والى 15 -2-1963 قتل بالرصاص او بالتعديب