اعلن الاسبوع الماضي عن فوز الكاتب المجري لازلو كرازناهوركاي،بجائزة مان بوكر الدولية،والتي تبلغ قيمتها ستين الف جنيه استرليني (نحو تسعين الف دولار اميركي). وهذه الجائزة التي تمنح كل سنتين حصل عليها عدد من الكتاب المعروفين مثل إسماعيل كاداري من ألبانيا
اعلن الاسبوع الماضي عن فوز الكاتب المجري لازلو كرازناهوركاي،بجائزة مان بوكر الدولية،والتي تبلغ قيمتها ستين الف جنيه استرليني (نحو تسعين الف دولار اميركي). وهذه الجائزة التي تمنح كل سنتين حصل عليها عدد من الكتاب المعروفين مثل إسماعيل كاداري من ألبانيا، شينوا أشيبي من نيجيريا، واثنان من الأميركيين، فيليب روث وليديا ديفيس، وكندي واحد، هو أليس مونرو.
رئيسة لجنة التحكيم لهذا العام الكاتبة والاكاديمية مارينا وارنر، ، قارنت اعمال الكاتب مع اعمال كافكا – الذي يعتبره الكاتب بطله الادبي الحميم - وبيكيت. وقالت "اشعر اننا امام شخص من ذات العالم"،. واضافت ". كنا نقول،عن قصة ما "انها تشبه قصص كافكا '؛ وأعتقد أننا قريبا سنقول انها تشبه قصص كرازناهوركاي".
وكان كرازناهوركاي واحدا من عشرة كتاب كانوا مرشحين للجائزة هذا العام، جنبا إلى جنب مع كاتب من الهند هو أميتاف غوش، ومن ليبيا إبراهيم الكوني،و من موزمبيق ميا كوتو ومن أميركا فاني هاو.
تقول رئيسة لجنة التحكيم :"نحن حقا كنا نفضل ألا نجبر على اختيار فائز - فكل واحد من الكتاب العشرة هو كاتب لافت للنظر حقا وبطرق مختلفة، وهناك في الحقيقة لا يوجد فيهم من لايستحق القراءة، و لا أن يفوزبالجائزة."
لكن كرازناهوركاي، كما تضيف، كان "كاتبا ذا رؤية مكثفة غير عادية وقدرة على التعبير عن مجموعة متعددة من الاصوات وخلق مشاهد مرعبة، غريبة، وهزلية بشكل مروع، وغاية في الجمال.
وقد فاز المؤلف بمجموعة من الجوائز الأدبية الأخرى، بما في ذلك أرفع تكريم ثقافي في الدولة المجرية، وهي جائزة كوسوث، وجائزة أفضل كتاب مترجم في الولايات المتحدة لمدة عامين على التوالي.
ولد لازلو كرازناهوركاي في مدينة غولا في، هنغاريا، في عام 1954، وكتب خمس روايات وعدة مجموعات من المقالات والقصص القصيرة. ، جاءت شهرته من خلال تحفة فنية للمخرج السينمائي بيلا تار مقتبسة من احدى رواياته. وقد تعاون معه في العديد من الأفلام لمدة أكثر من ثلاثة عقود، بما فى ذلك تحويل العديد من رواياته الى افلام سينمائية.
في عام 2000، ترجم الشاعر البريطاني المجري الأصل جورج سيزيرتس- - رواية (كآبة المقاومة) الى اللغة الانكليزية ، وهوأول كتبه التي ظهرت باللغة الإنجليزية. واعتبره بعض النقاد منافسا لكتاب غوغول (الارواح الميتة) واصبح هناك اعتراف واسع بكرازناهوركاي باعتباره واحدا من أفضل وأهم الروائيين في عصرنا.
جيمس وود، الكاتب في مجلة نيويوركر ، وضعه في عام 2012، جنبا إلى جنب مع عظماء الكتاب في فترة ما بعد الحرب مثل توماس بيرنهارد، كلود سيمون وديفيد فوستر والاس. ووصفه بـ(صاحب جمل طويلة ليس فيها وقفة ،ومع ذلك فصاحب الجمل الاكثر غرابة هو صاحب الجمل الاكثر جمالا ايضا.)
وكانت اجابات الكاتب على الاستبيان الذي اجرته صحيفة الغارديان الشهر الماضي، للكتاب المرشحين لنيل الجائزة كما يلي:
*كيف تصف اعمالك لشخص لا يعرفك؟
- حروف؛ ثم من الحروف كلمات؛ ثم من هذه الكلمات، بعض الجمل القصيرة. ثم المزيد من الجمل التي تكون أطول، وفي المقام الاول جمل طويلة جدا، على مدى 35 عاما. الجمال في اللغة. متعة في الجحيم.
*أي من كتبك تنصح القارئ الذي يقترب من اعمالك لأول مرة بقراءته؟
- إذا كان هناك قراء لم يقرأوا كتبي ابدا، فلا يمكنني أن أوصي بأي شيء لهم لكي يقرأوه ، أنصحهم بالخروج، والجلوس في مكان ما، وربما على جانب جدول ماء، ولا يقومون بأي شيء ، ولا يفكرون بأي شيء ، فقط يبقون في صمت مثل الحجارة. و في نهاية المطاف سوف يلتقون بشخص سبق له ان قرأ بالفعل كتبي.
*ككاتب، هل تشعر أن هناك فرقا بين قرائك في داخل بلدك وعلى الصعيد العالمي؟
- لا ،لا اعتقد ذلك ؛ القراء هم نفسهم في جميع أنحاء العالم.
*من هم أبطالك الأدبيون ؟
- واحد فقط: انه (k كاف ) في أعمال كافكا. فأنا أتابعه دائما .
*هل من واجب الروائي الانشغال بالقضايا السياسية المعاصرة؟
- كلا، وتحت أي ظرف من الظروف. المبدعون ليست لديهم أية واجبات على الإطلاق. فقط حرية بلا حدود، والا فإن البديل لذلك هو اليأس.
الكاتب المجري لازلو كرازناهوركاي معروف في الاوساط الادبية منذ زمن ليس بالقليل وقد استقبلت روايته الاولى (سانتاتانغو)بترحاب كبير في المجر حين صدرت عام 1985،وتحولت فيما بعد الى فلم سينمائي اخرجه المخرج بيلا تار،ثم توالت اعماله فاصدر 1989 رواية(كآبة المقاومة)التي وصفتها رئيسة لجنة التحكيم بانها (رؤية ثاقبة ونبوءة للمرحلة التاريخية المظلمة التي وصلنا اليها تحت مسمى الحضارة الغربية.
للكاتب فترتان مختلفتان في حياته الادبية،الاولى تعود الى سنوات الثمانينات،حينما كتب روايات اتسمت بكونها كئيبة ومتشائمة وقلقة،عن مدن صغيرة اصبحت محطمة،عن اناس ضعفاء اصبحوا متحطمين،ثم انتقل بعد ذلك الى مرحلة مشرقة وجميلة.
تصف رئيسة لجنة التحكيم الكاتبة مارينا وارنر النثر الذي يكتبه بقولها(انه مدهش تماما،وانها لتجربة مثيرة ان يقرأه المرء،هذا الاسلوب الأخاذ الذي يملكه،والذي يعترض عليه البعض احيانا،اذا نظرت اليه كقطعة موسيقية ،فحين تبدأ فانك لا تدرك في بادئ الأمر اين انت،فهو شيء غير مألوف،ثم يبدأ الاحساس بشكل طبيعي،وياخذك الايقاع معه،انه امر صعب بنفس الطريقة التي يكون فيها بيكيت صعبا،اويكون فيها دانتي صعبا ،وبنفس جودة اسلوب كافكا .
في البيان الذي اصدرته أثنت لجنة التحكيم على(جمل كرازناهوركاي المدهشة،تلك الجمل التي تتحول من جمل طويلة الى حد لا يصدق،الى جمل طويلة سهلة التصديق،وتتغير نغمتها من الوقار الى التهور،الى ان تكون محيرة ثم كئيبة وهي سائرة باسلوبها المتقلب،جمل طويلة،مثل لفائف قطن،تجمع كل انواع الاشياء الغريبة وغير المتوقعة،تتجمع بعناد في فقرات،تكبر وتتوسع بشكل صادم وبارع.
وفي الختام هذا حوار مع الكاتب يجيب فيه عن اسئلة تتعلق بمواضيع شتى اجرته معه مجلة(ذا وايت ريفيو):
س: - ما هي باعتقادك المزايا والعيوب أو المخاطر في عملية الترجمة؟
لازلو - لن أقول أي شيء حول المزايا والعيوب ولكن سأتناول مسألة المخاطر لأنها ببساطة لا وجود لها. العمل المترجم، في رأيي، هو بأي حال من الأحوال لا يجب ان يتطابق مع الأصل فهو في لغة مختلفة. هذه سخافة. العمل المترجم هو عمل المترجم، وليس الكاتب. عمل المؤلف هو الذي يضم القصة كما هي مكتوبة باللغة الأصلية. العمل المترجم هو عمل جديدة في اللغة التي ينشرها المترجم وعمل المترجم هو مثل عمل الملحن، يشبه – كثيرا أو قليلا، كما هو الشبه بين ابناء عائلة واحدة قد يكون كبيرا او صغيرا - العمل الأصلي. المؤلف ينظر ببساطة ويقرأ: النص يكون مألوفا، وأحيانا مألوفا جدا، له ،ويكون مسرورا حينما يبدو جيدا، ويغضب عندما يبدو سيئا. لم اغضب فقط سوى مرة واحدة، على الترجمة الألمانية لرواية(حرب وحرب) التي تحولت الى كتاب سيئ، كان من المستحيل تقريبا إصلاحها. من الذي سيستوعب الترجمة الجديدة؟ كان ذلك صعبا للغاية. ولكن بغض النظر عن ذلك فقد كانت كل ترجمة لاحد اعمالي تجعلني امتلئ اعجابا. فعندي مترجمون رائعون.
س: لماذا اخترت أن تعيش في برلين؟
لازو - منذ أن عشت فيها فترة طويلة في عام 1987 نشأت علاقات وثيقة لي معها. كانت برلين الغربية، كما كانت تسمى ، الملجأ للنفوس المجروحة. جميع أنواع المبدعين، فضلا عن أولئك الذين يأملون في ان يكونوا مبدعين ، جاءوا الى هناك للقيام بعملهم. كان من الجميل حقا أن تعرف أنك تتمكن من الجلوس في الحانة نفسها، وفي واقع الأمر على طاولة واحدة، مع الفنانين الكبار وكأنكم جزء من عائلة واحدة. استمرت هذه العلاقة الى اليوم. وعلى الرغم من أنني لا أزال اقضي معظم وقتي في المدينة لم أعد أشعر أنني بحالة جيدة فيها. في الوقت الحاضر فان ما يريده المبدعون هو بيع أعمالهم بدلا من صناعتها. وإذا كان هذا هو الحال فاين هو الفرق بين هنا وهناك؟
س: - كيف تمارس عملية الكتابة ؟
لازلو - انا لا أجلس في مكان العمل، وهذا يعني طاولة الكتابة، و لا احدّق في الكمبيوتر المحمول على أمل الحصول على فكرة، فالعمل يبدأ في رأسي بناء على أن الأدب هو مهنتي. إذا وضعنا جانبا الأسباب الشخصية، فالحقيقة هي أنني عندما بدأت الكتابة كنت أعيش في ظروف صعبة للغاية: لم يكن لدي أية طاولة للكتابة، ولم اكن استطيع أبدا البقاء بمفردي. لذلك تعودت على ان تبدأ الجمل في رأسي، وإذا كانت الجمل واعدة فانني اواصل اضافاتي عليها حتى تصل الجمل إلى نهاياتها الطبيعية. وعند تلك النقطة ابدأ بكتابتها. هذه هي الطريقة التي اكتب فيها الى الآن ، في أكثر الأماكن غير المناسبة، في معظم الأوقات غير المناسبة - وبعبارة أخرى أنا مستمر في العمل. أنا أكتب كل شيء في نهاية المطاف. و لا أصحح بالطريقة المعتادة لأن كل شيء قد سبق وان اكتمل في رأسي.
س: - ماذا تقرأ بصرف النظر عن الكلاسيكيات مثل كافكا؟
لازلو - عندما لا اقرأ كافكا فأنني أفكر فيه. و عندما لا أفكر بكافكا فانني افتقد التفكير فيه. وعندما يغيب تفكيري فيه لفترة من الوقت، أقوم باخراجه وقراءته مرة أخرى. هذه هي الطريقة التي أعمل بها. اوهي بالضبط نفس الطريقة مع هوميروس، دانتي، دوستويفسكي، بروست، عزرا باوند، بيكيت، توماس بيرنهارد، اتيلا جوزيف، ساندور وويرز وبلينسكي...
س: - لماذا تعتقد ان رواية(ساتانتانغو) ناجحة جدا في الوقت الحالي؟ هل حدث شيء في العالم، أو في الأدب، فتح الأبواب لذلك النجاح؟
لازو - أعتقد أن القراء الذين يعرفون بالفعل (ساتانتانغو)، الفيلم الذي صنعته انا والمخرج بيلا تار ، وكان قد قرأ رواياتي (كآبة المقاومة) و(حرب وحرب) كانوا متلهفين لقراءتها أيضا. ويبدو أنه في وقت صدورها ، كانت رواية (ساتانتانغو) كتابا من النوع الذي رغب به العديد من الناس فعلا.. أولئك الذين كانوا يتطلعون الى كتاب يقول شيئا عن العالم؛ أولئك الذين يريدون شيئا آخر غير التسلية، الذين لا يريدون ان يهربوا من الحياة ولكن يريدون العيش فيها من جديد، ليعرفوا أن لديهم حياة، وأن لديهم دورا فيها،. ما اود توضيحه هو أننا ليس لدينا أدب عظيم. ولكن القراء في حاجة إليه، ليس كعلاج، وليس كوهم، بل لأنهم بحاجة إلى شخص ليقول لهم ان ليس هناك دواء.
س:- انت تهتم كثيرا بتحديد الأشياء بشكل واضح ؟ وتهتم جدا بتعيين الموقع الدقيق لها ،لماذا؟
لازلو - لأن من المهم دائما أن تعرف الى أين تسير الأمور. وان الاشياء يجب أن تكون على وجه التحديد فقط حيث يجب ان تكون.
س: - إلى أي مدى يشبه العالم حين بدأت تكتب - او ربما لنقل حين ظهرت روايتك(ساتانتانغو) للمرة الاولى - إلى أي مدى يشبه عالمنا اليوم (المقابلة اجريت في عام 2013)؟
لازلو - التشابه أمر مذهل. يبدو أن كل شيء قد تغير، ولكن في الجوهر فان كل شيء هو في الأساس نفسه. لا زال على السطح يتدفق تيار سريع الجريان، ونجد ان فقاعة واحدة ضمن فواصل الرغوة تتكسر وهي تدور، تتكسر الى قطرات صغيرة ثم تنضم اليها الفقاعات مرة أخرى لتشكل تيارا مستمرا يجري في طريقه، انا أشاهد القطرات واحاول التركيز على واحدة. وذلك مستحيل. لا توجد قطرة. بطريقة أو بأخرى لا توجد سوى القطرات باكملها التي هي في كل لحظة مختلفة ومتشابهة ولكن كلها لا وجود لها. ولا حتى الأجزاء. فما الذي هناك؟ هناك عملية لاتغيير تتغيردائما،وهي عملية لا يمكن استيعابها .
عن الغارديان