لقد نجح غرندايزر باسقاط دفاعاتنا في الرمادي. انه جسم مدرع ضخم بدائي الصنع لكنه فتاك. لقد شهد العراق تطويرا متسارعا للمفخخات ويمثل هذا الجيل المطور منها، التحدي الاكبر في جبهات القتال اليوم، وبلغ الامر ذروته في اعجاب داعش بفكرة "غرندايزر" المركبة الشهيرة المدرعة في مسلسل الاطفال المعروف قبل ثلاثين عاما.
اول مرة رأيت هذه العربة المدرعة الضخمة في صور تناقلها فيسبوك، وكانت عربة بلدوزر مصفحة بالحديد لحمايتها من تأثير الصواريخ العادية. بعدها اثارت قوات البيشمركة هذا الموضوع في مفاوضاتها مع حلف الناتو، لان داعش استخدمت هذه العربات في ضرب القوات الكردية، ولم تكن اربيل تمتلك سلاحا يضربها بسهولة قبل ان تقتحم سواتر البيشمركة وتلحق بهم خسائر فادحة. وقد توفر للاكراد دعم من حلف الناتو في هذا الاطار، فحصلوا على صاروخ "ميلان" الذي نجح في تدمير "غرندايزر".
وحين نطالع التقارير المحلية والاجنبية حول سقوط الرمادي نجد انها تتحدث عن ٣٠ عربة مدرعة مفخخة، دمرت دفاعات الجيش والعشائر. اي ان خليفة داعش استخدم ٣٠ غرندايزر لتحقيق النصر!
اما الخبر الذي يحزنك اكثر فهو اننا سنحصل على صواريخ مضادة لغرندايزر ولكنها لن تصل الى العراق الا بعد اسبوع! بينما استطاعت البيشمركة الحصول عليه قبل بضعة شهور. برافو للبيشمركة، وعاشت ايادي المفاوض الكردي الذي راح يتحرك بمفرده وتركنا نحن السنة والشيعة نتخاصم ونتلاعن ونذهب الى واشنطن ونعود من طهران، دونما قدرة على مواجهة غرندايزر في الرمادي!
والحكاية لا تنتهي بسهولة، فالشائعات التي تغزو الفيسبوك حول قدرات داعش "الخارقة" تتلذذ بالحديث عن عربة غرندايزر هذه، اذ يتحدث بعضهم عن ان داعش قامت بتجهيز الف بلدوزر مصفح لمهاجمة ما وراء الرمادي من جهة الشرق والجنوب، وبغض النظر عن روح المبالغة والاشاعة، فان ما يستحق الانتباه هو قدرة داعش على اختراع شيء بدائي لكنه مؤثر الى درجة تتطلب تدخل حلف الناتو وواشنطن، لردعه.
وليس غرندايزر هو الابتكار الوحيد لداعش، بل التكتيكات القتالية الاخرى، التي يتحدث عنها الضباط، والتخفي بملابس القوات الحكومية، والاستخدام الامثل لمسارات الانهار، واشياء اخرى نسمعها من الخبراء الذين ينهمكون في تحليل ما يجري ووصف الهزائم التي نتلقاها.
اما افضل ما يقوم به داعش فهو استغلال الخلافات التي تعصف باعدائه. والتي جعلتنا نترك المقاتلين في الرمادي بلا صواريخ قادرة على ردع العربة الغرندايزرية، وحزمة الارتياب والشكوك ونقص الثقة التي جعلت هذه الصواريخ تتاخر نحو اسبوعين في الوصول الى العراق.
ورغم ان المحللين يتحدثون عن قدرة هذه العربة الفتاكة على تدمير التحصينات، الا ان جنرالات واشنطن يقولون ان انسحاب قواتنا من الرمادي لم يكن مبررا. والانكى ان وزير دفاعنا نفسه ردد كلاما مشابها نهار السبت خلال لقائه بعدد من وسائل الاعلام. كما ان العشائر تقول نفس الكلام. وكل هذه التصريحات تضيف لغزا جديدا الى كمية الحكايات الغامضة التي لا يوجد وقت فائض للانشغال بها بالنسبة لكل عائلة انبارية تواجه اقسى المصائر في هذه اللحظة داخل المحافظة، او تبحث عن مصير لا يقل قسوة عند معبر بزيبز المحاذي لبغداد.
وكيف يمكن لشبابنا يا ترى ان يقاتلوا ويصمدوا ويبقوا مستعدين للتضحية، وسط كمية الالغاز هذه؟ وكيف يمكن لنا ان نتخلص من هذا الغموض وسط جمود واضح في السياسة، ونقص في الحوار الوطني، وغياب ملموس للتفاهمات التي كنا نراهن على انها ستصحح اخطاء عهد نوري المالكي وستنتج صفا وطنيا متماسكا لا ينال منه اي غرندايزر؟
"غرندايزر" الخليفة
[post-views]
نشر في: 23 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
Ali Ajil
عزيزي السيد سرمد اليس عند ايران صواريخ مناسبه وهل خلت روسيا وغيرها من الدول من اسلحة مشابهة...لاعتقد.. انه الجهل والفساد والتخبط وحكم الدهماء تحياتي