كنت أكتب قصيدة عن حصان عراقي.. فوجدت نفسي أكتب عن العربة العراقية التي يجرها أكثر من حصان كلّ باتجاه.
الحصان العراقي طعين، حتى الآن على الأقل، لم يمت وآمل أن لا يموت.
لم يزل الحصان جامحاً رغم أنه طعين.
لولا جموح هذا الحصان لما صار طعيناً بأكثر من خنجر.
أحداث الموصل وتكريت والرمادي، أخيراً، أوغلت في جسد حصاننا، بل ما يجري هو إفراط في استخدام القوة ضد حصان طعين أصلاً.
حتى أولئك الذين يعتقدون بأنهم يحاولون إنقاذ الحصان فهم يوغلون في تعذيبه.
باراك أوباما يتخبط بين أن يدعم الجيش العراقي بطيرانه ويده على قلبه من "الحشد الشعبي" الذي يصنفه ميليشيا عراقية تقودها طهران، وهو تخبط أميركي في سوريا أيضا.. فتراه يؤكد على تسليح العشائر في غرب العراق لخلق توازن بين فصيلين لا يثق أحدهما في الثاني.
حيدر العبادي لديه الرغبة ولكن ليست لديه القدرة، وهو يعرف أكثر من غيره كيف ولماذا انسحب الجيش العراقي (6000 جندي) من الرمادي أمام قوة من "داعش" لم تبلغ مئتي مسلح! (تصريحات مسؤولين أكراد لصحيفة "التايمس" البريطانية).
بينما يشير زعماء سنّة إلى أن حكومة العبادي تتردد في تسليح العشائر لإجبارها على قبول دخول "الحشد الشعبي".. وهذا تعبير آخر على عدم الثقة.
نقل موقع "CNN" عن محلل سياسي هو علي الخضيري قوله: "ينبغي العمل على تحقيق وحدة وطنية. إن مجرد وجود المليشيات المدعومة من إيران، والمسؤولة عن مذابح لا تختلف عن مذابح "داعش" سيدفع الكثيرين إلى أحضان "الدولة الإسلامية".
تؤكد صحيفة "كريستيان ساينس مونيتر" عدم الثقة هذا بقولها: "حتى لو تعاونت أضلاع المثلث: الجيش العراقي والحشد الشعبي والقبائل السنيّة فقد يؤدي هذا إلى اقتتال فيما بينها وتطهير عرقي بعد انتهاء المعارك".
إشارة أخرى إلى عدم ثقة عويص.
هنري باركي، مسؤول سابق في الخارجية الأميركية وأستاذ في جامعة "ليج" ،عبّر بتفاؤل عن مشاعر الكثير من العراقيين بقوله: "المعركة المقبلة ستكون إيجابية لو نجح "الحشد الشعبي" بإظهار شهامة عراقية لا طائفية وتصرفوا كعراقيين".
مايكل نايتس، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى يقترح: تعاون سني شيعي بدعم أميركي.
سياسيون وخبراء وإعلاميون وقادة عسكريون يقترحون الكثير لكن لا أحد أشار إلى جوهر الصراع الذي يتلخص بإرادات طائفية متصارعة رغم العناوين الفضفاضة بشأن الدفاع عن العراق.
أنا أشك هذه المرة وأبدي عدم ثقتي، أيضاً، فعناصر وطنية كثيرة في "الحشد الشعبي" قاتلت وتقاتل ببطولة وروح وطنية لكن لدى قياداتها "خريطة" طريق أخرى.
لا أحد مؤهلاً للدفاع عن العراق غير العراقيين أنفسهم.. مواطنين في دولة مواطنة تتسع للأديان والقوميات والطوائف والجماعات المتنوعة، يحكمهم شعور وطني ومواقف عملية للدفاع عن العراق، عربةً، يجرها نحو ثلاثين مليون حصان عراقي ولكن باتجاه واحد: التأسيس لدولة مدنية ديمقراطية علمانية، تحتكر العنف والسلاح ضد أي خطر خارجي أو داخلي يحيق بالوطن، بعد أن تجد كل المكونات المتصارعة أنها أُنصفت وتمتعت بالعدالة والحرية والتنمية داخل وطنها الذي تدافع عنه بقناعة مواطنين يدافعون عن وطنهم المهدد.
نعم، أدرك أن ثمة من يضحك على أحلامي الطوباوية في بلد يصبح فيه "أبو عزرائيل" بطلاً قومياً.
ليتني بقيت عند قصيدتي بوهم شاعر يقاوم بالشعر.
اللعنة عليكم جميعاً، يا من تجرون الشاعر من ياقته ليغادر عزلته المنتجة ويخوض معكم، مجبراً، في مستنقع الدم الطائفي خارج لغته وأحلامه.
ولي، أنا، أن أضحك أيضاً.
العربة العراقية.. أكثر من حصان
[post-views]
نشر في: 25 مايو, 2015: 09:01 م