TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ماصول" المسؤول

"ماصول" المسؤول

نشر في: 25 مايو, 2015: 09:01 م

اللهجة المحلية في اغلب مدن جنوبي العراق تطلق مفردة "ماصول" على المزمار والناي المصنوع من القصب ، تشير الدراسات التاريخية الى ان السومريين اول من عرف الناي ، وكشفت التنقيبات الاثرية عن استخدام "الماصول السومري" في اداء طور غنائي قريب من "المحمداوي" كجزء من ممارسة الطقوس الدينية في ذلك الوقت ، واحيانا اثناء اقامة الاحتفالات بوصول احد كبار الكهنة الى مرتبة الآلهة ، "الماصول" حافظ على حضوره في الحياة العراقية ، انتقل الى مدن العراق الغربية فخضع لتحوير بالشكل طبقا للموقع الجغرافي ، فصنع من اغصان الاشجار واحيانا من قرون الماعز الجبلي ، في دبكة مناطق العراق الغربية والشمالية يكون للمزمار او" المطبك" الدور الكبير في اداء الرقصات الجماعية بمشاركة الرجال والنساء ، وهلا برجال الجوبي حتى الصباح تقديرا لجهودهم في اشاعة الفرح واضفاء البهجة بنفوس الحاضرين .
الماصول آلة موسيقية هوائية خضعت للتحوير ، استجابة لضرورات الاستخدام ، دخلت الى الجيوش بشكل بوق نحاسي لاغراض الايعاز للنهوض من النوم والتوجه الى ساحات التدريب ، يتولى المهمة جندي برتبة صغيرة يعرف داخل الوحدات العسكرية باسم "البوقجي" يضبط المواعيد باجزاء الدقيقة الواحدة ، باطلاق نغمات مختلفة يعرف دلالاتها الجنود ، بدءا من بوق النهوض الى حلول موعد تسلم "القصعة" وجبة الغذاء والعشاء ، مع صمون الجيش الاسمر.
تحتفظ ذاكرة الجيل السابق من ابناء محافظة البصرة بصورة الرجل "تومان " كان يجيد العزف على آلة المزمار حتى عن طريق الانف ، المرحوم "تومان" كان يقدم عرضا في الهواء الطلق للاعلان عن وصول افلام جديدة الى دور العرض السينمائي في البصرة ، مهمته الترويج لتلك الافلام وتشجيع البصريين على مشاهدتها ، الاستجابة لعرض تومان تتحقق بحضور الاسر البصرية لدار العرض لمشاهدة الفيلم من دون منغصات ومشاكسات المراهقين ، المرحوم تومان كان وحده يعد مؤسسة اعلانية تجيد الترويج بطريقة لم يستخدمها غيره في العراق وربما في دول المنطقة .
على ذكر الماصول كان احد الاشخاص في محافظة اربيل يستخدم قرن الماعز للحصول على مصروفه اليومي من اصحاب المحال والدكاكين ، فهو حين يطلق الصوت من "ماصوله " يشق طبلة الاذن ، فيضطر صاحب المحل تفادي سماع الصوت المرتفع باعطاء الرجل فئة معدنية من عملة ذلك الزمن ، اما من يرفض فقوة الصوت تجعل بضاعته تسقط من رفوفها ولتجنب هذه الورطة واضرارها يدفع لصاحب الماصول لاتقاء شره .
الماصول في الوقت الحاضر ، انتقل الى المشهد السياسي العراقي فكل مسؤول وزعيم تنظيم سياسي لديه وسائل اعلام كثيرة تبث الاخبار العاجلة ومنها على سبيل المثال رئيس كتلة الحل والربط يتبرع بسلة غذائية لنازحي الانبار ، وامين عام حزب سياسي سخر فضائيته لتسليط الضوء على نشاطه ومطالبته بدعم الحوثيين في اليمن ، وزعيم سياسي في كل ساعة يطل عبر شاشة فضائيته لتقديم المواعظ للعراقيين ، هؤلاء وغيرهم لم يصلوا الى خبرة المرحوم تومان في اقناع المشاهدين ، لحملهم "الماصول" المصنوع من قرون الماعز .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram