اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > هربوا من الموت الى المعاناة..النازحون .. بين فتاوى داعش وجشع الدلالين

هربوا من الموت الى المعاناة..النازحون .. بين فتاوى داعش وجشع الدلالين

نشر في: 27 مايو, 2015: 12:01 ص

بدقائق معدودة حمل (ابو خالد) وعائلته ما يمكن حمله من اغراض وحاجيات ضرورية، متجهين صوب العاصمة بغداد بعد تهديدات بدخول داعش الى مناطقهم. طول الطريق كان ابو خالد يفكر بالمأوى الذي يناسب عائلته وخصوصيتهم. اذ كانت تتبادر الى ذهنه الكثير من الافكار، احداه

بدقائق معدودة حمل (ابو خالد) وعائلته ما يمكن حمله من اغراض وحاجيات ضرورية، متجهين صوب العاصمة بغداد بعد تهديدات بدخول داعش الى مناطقهم. طول الطريق كان ابو خالد يفكر بالمأوى الذي يناسب عائلته وخصوصيتهم. اذ كانت تتبادر الى ذهنه الكثير من الافكار، احداها كانت استذكاره ايام اذار ونيسان من العام 2003 وكيف فتح داره وبستانه امام الناس الذين فرور من بغداد باتجاه المدن القريبة ، الانبار/ ديالى/ بابل/ الكوت. لكن امله خاب في اللحظات الاولى لدخول احد الأحياء بعد ساعات الانتظار في الحاجز الأمني. حين طلب منه صاحب مكتب تأجير وبيع البيوت السكنية "الدلالون". ايجار ثلاثة اشهر مقدما لمشتمل مكون من غرفتين وملحقاتهما الصحية ايجار الشهر الواحد مليون دينار، بعد ان كان 500 الف دينار قبل ايام.
 
 
الايجارات الى الضعف!
(محمد مالك) معلم من سكنة جلولاء، اشار الى ان اغلب سكان المدينة الذين نزحوا لم يعودوا بعد لأسباب أمنية كما يقول المسؤولون، مالك الذي ترك داره مع عائلته على اثر دخول داعش للبلدة القريبة من الحدود العراقية الايرانية ليتجه الى بغداد، لكنه يفاجأ بما وصفه بـ (جشع الدلالين واصحاب المنازل المعروضة للايجار) التى سرعان ما ارتفعت اسعارها خلال ايام الى الضعف ليصل ايجار مشتمل صغير بغرفة واحدة ومرفقاتها الى المليون دينار في مناطق اطراف العاصمة. 
واستطرق مالك : فى عام 2003 ومع بدء العمليات العسكرية لاسقاط النظام السابق فتحت محافظة ديالي ابوابها ومن خلال مناطقها الواسعة والممتدة من مركز المحافظة ومروراً بالوجيهية وابو صيدا والمقدادية والسعدية وجلولاء وخانقين امام العوائل النازحة من بغداد . وكان من المخجل جداً ان يطلب صاحب الدار مبلغا مقابل سكن العوائل الهاربة آنذاك بل كانت العوائل تفتح أبوابها للجميع والاكل على سفرة واحدة. متسائلا: مالذى حصل لاهل بغداد؟ كي يتسارع اصحاب البيوت الفارغة على زيادة بدل الايجار وهو على علم بان امكانيات النازحين محدودة. مبديا اسفه على ما آلت اليه الامور وتغلب سلطة المال على الانسانية.
موجات النزوح 
مكاتب الدلاليين في مناطق الاعظمية والصليخ و الغزالية والعامرية وحي الجامعة والعدل تعج بالنازحين من مناطق الانبار وهم يبحثون عن ماؤى مناسب للسكن لكن اغلبهم فوجئ بالارتفاع الملحوظ وغير المبرر. وسط ظروف لا يحسد عليها احد.
(ابو عمر) صاحب مكتب للعقارات بمنطقة الصليخ، اوضح: ان عودة الكثير من نازحي ديالى وصلاح الدين الى مناطقهم الشهر الماضي أحدث انخفاضا طفيفا في ايجار الشقق والمنازل، الا ان المعارك الاخيرة في الانبار رفعت تلك الاسعار مرة اخرى الى الضعف او أكثر خصوصاً في المنازل والشقق السكنية المعروضة للايجار في منطقة الاعظمية والصليخ وراغبة خاتون باسعار خيالية لا تتناسب مع مواصفاتها. مبينا: ان المشتمل أو نصف الدار المقطع او الطابقين الذي لا يتجاوز ايجاره 400 الف دينار تم استئجاره بـ (مليون دينار) منوها الى ان مكاتب الدلالية في المنطقة تكتظ بالنازحين يوميا بحثا عن منازل للايجار فيما بادرت بعض العوائل الى السكن مع بعض فى منزل واحد لايتجاوز 50 مترا لعدم استطاعتهم تحمل تكاليف الايجار.
المساجد السكنية!
الى ذلك قالت عضو المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان الحقوقية (بشرى العبيدي) إن أزمة السكن وارتفاع إيجارات المنازل فاقما معاناة النازحين من محافظة الأنبارإلى بغداد، وإن تلك الإيجارات ارتفعت لتصل إلى الضعف في غالب الأحيان مع توافد الآلاف من النازحين على العاصمة خلال الأسابيع الماضية. مضيفة: إن مشكلة الحصول على سكن ملائم زاد من دائرة الصعوبات الإنسانية التي تواجه نازحي محافظة الأنبار إلى بغداد، حيث تشهد العاصمة العراقية ارتفاعاً غير مسبوق لإيجارات المنازل إضافة إلى قلة المعروض منها لذلك.
واكدت العبيدي في بيان صحفي، أن النازحين فوجئوا بإلإيجارات المرتفعة للمنازل في بغداد، خاصة في مناطق غربي العاصمة ، فمثلا في حي المنصور يصل إيجار المنزل المتواضع إلى ألفي دولار شهريا بعد أن كان قبل أسابيع بحدود نصف المبلغ المذكور، مشيرة إلى أن عدم وجود قانون لضبط أسعار إيجارات المنازل في البلاد عزّز من هذه الظاهرة.
ولفتت عضو المفوضية إلى أن هناك من يسعى لاستغلال النازحين لكسب المال، ما اضطر العديد من العائلات النازحة إلى اللجوء للسكن في المساجد، موضحة: أن عائلات الأنبار “لا يفضّلون السكن في المساجد على اعتبار ان الأخيرة تفقد تلك العائلات خصوصيتها”، مبينة أن بعض العائلات النازحة من الأنبار إلى بغداد ما تزال بدون مأوى. مطالبة الحكومة المركزية ومجلس محافظة بغداد بفتح الفنادق أمام النازحين كما فعلت محافظة كربلاء التي حفظت كرامة النازحين.
أموال الطوارئ 
(لطيف الدليمي)، نازح من مدينة الرمادي الى بغداد يسكن مع عائلته فى قاعة جامع (الحميد المجيد) يتساءل : أين دور مجلس المحافظة والجهات المعنية بالامر من هذه الظاهرة غير الانسانية. متسائلاعن سبب ارتفاع اسعار الايجارات في ظل الظرف الا الاستثنائي الذي نعيشه مع غياب المنح المالية التي وُعد بها النازحون.
واشار الدليمي: ان هناك مشكلة أخرى متمثلة بالعودة التي قد تطول الى فترة غير معلومة حتى بعد تحرير مناطقنا مثلما حدث في السعدية وجلولاء وتكريت والدور وسليمان بيك وغيرها من مناطق فهل سيدوم الحال والسكن في قاعات المساجد؟
تحذيرات مسبقة
مدير المكتب الاقليمي لمكتب الشرق الاوسط فى منظمة الصحة العالمية (علاء العلواني) أوضح لـ"المدى" انه وبسبب الصراع الدائر فان العراق يحتاج ما يقرُب من 5.2 مليون شخص في طول البلاد وعرضها إلى المساعدة الإنسانية ويُمثِّل النازحون الداخليون أكثر من 2.5 مليون منهم. مستطردا: لقد رحَل عن العراق ما يزيد عن 45% من المهنيين الصحيين الذين فرُّوا وأسرهم من العنف، ما أوجَد فجوة في تقديم الرعاية الصحية الأولية، والجراحة ، والرعاية التوليدية في المناطق التي لا تزال تشهد عنفاً. مبينا: ان التدفق السريع والجماعي للنازحين الداخليين اربك النظام الصحي، وأدَّى إلى حدوث نقصٍ حادٍ في الإمدادات الطبية البالغة الأهمية، وأَثْقَل المرافق الصحية فوق طاقتها.
العلواني أوضح انه لم يَعُد في مقدور السكان النازحين في العراق الذين يحتاجون إلى الخدمات الصحية الحرجة الانتظار أكثر من ذلك. فالأطفال يحتاجون إلى التطعيم ضد الأمراض التي تُهدد حياتهم، والحوامل والأمهات يحتجن إلى الحصول على خدمات الرعاية الخاصة بالأمهات والأطفال، والأشخاص المصابون بالأمراض المزمنة مثل السرطان أو السكّري بدورهم في حاجة إلى تلقِّي المعالجة والأدوية بانتظام. متابعا: على الرغم من الإنجازات التي تحققت في مجال الصحة في العراق، لا يزال هناك الكثير والكثير للقيام به.
المساعدات الإنسانية 
عضو المفوضية حقوق ألانسان (فاضل الغراوي) أوضح إن المفوضية واستناداً إلى تواجدها اليومي في معبر بزيبز، وثقت دخول 50 ألفاً من نازحي الأنبار بعد موافقه الحكومة والجهات الأمنية على ذلك خلال الأيام الخمسة الماضية، مشيراً إلى أن أغلب أولئك النازحين من النساء والأطفال يعانون كثيراً في ظل عدم توافر الظروف الملائمة لأوضاعهم الإنسانية، وعدم توافر المواد الغذائية والطبية الكافية لسد احتياجاتهم، فضلاً عن قلة المساعدات الإنسانية من قبل الجهات الحكومية والدولية، لأن أغلب ما يقدم لهم من منظمات مدنية.
معسكرات إيواء 
وأضاف الغراوي أن المفوضية رفعت توصيات إلى الجهات الحكومية بضرورة تسهيل نقل النازحين من المعبر إلى معسكرات الايواء المعدة لهم بأسرع وقت ممكن، تفاديا لحدوث حالات مرضية بين الأطفال بعد أن وثقت حالات إغماء لارتفاع درجات الحرارة وتواجد النازحين لأيام قرب ذلك المعبر. مبيناً: أن المفوضية طالبت بإقامة معسكر ايواء مؤقت قرب المعبر تتوافر فيه الإمكانيات كافة لمساعدة النازحين.وتابع الغرواي، أن ملف النازحين في الأنبار الذي شهد قسوة ووحشية كبيرة أجبرت ملايين المواطنين على النزوح القسري بعد أن ارتكب تنظيم داعش الإرهابي بحقهم جرائم إبادة وأخرى ضد الإنسانية.
النزوح كبير 
الوكيل الاداري لوزارة الصحة (خميس السعد) اوضح لـ( المدى ) : اننا ومنذ اليوم ألاول قمنا بتامين الفرق الصحية والعيادات المتنقلة لغرض تقديم الخدمات العلاجية للنازحين لاسيما أن هناك العديد من الاطفال تعرضوا الى الاسهال أو ضربة الشمس أو الاصابة باحدى الحالات الحرجة وقدمنا الخدمات للنازحين فى جسر بزيبز . السعد أوضح أن طبيعة وحجم العوائل النازحة كانا كبيرين ما تتطلب اشراك فرق صحية وتقديم الدواء وتامين مستشفيات اليرموك والمحمودية وغيرها لغرض اسعاف الحالات الحرجة وكانت هناك اعداد كبيرة من الحالات الحرجة لكن الدور البارز للفرق الطبية والجهات الساندة خفف من حجم المعاناة وهي لاتوصف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram