يُقال إن قوة القرار او الإجراء الذي تتخذه أية جهة رسمية او غير رسمية يكمن في رصانته وموافقته للقانون ومنطقيته في التطبيق ومن ثم نجاح النتائج المترتبة بعد تنفيذه كإجراء يستهدف تقويم وتوجيه العملية القيادية وضمان انسيابية العمل بما يفرض النظام والاحترام وبالتالي اعطاء الاجراءات والسياقات المنضبطة دورها كشريعة تنظم العلاقة بين تلك الجهات والمنضوين بإمرتها.
الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوز إعطاء العدالة مساحتها المطلقة في أية خطوة تتطلب المحاسبة وفرض العقوبات وغيرها بحق المقصرين بحساب المساواة في ما بينهم من دون تمييز او تفضيل او الالتفات لمناصبهم او عناوينهم الوظيفية او حتى قربهم من سلطة القرار الإدارية.
اتحاد كرة القدم يبدو انه استفاق فجأة ليعلن نيته في ان يضع حداً لتكرار التجاوزات التي طالت شخصيته الاعتبارية واختار غانم عريبي عضو الهيئة الادارية لنادي بغداد والمشرف على الفريق الكروي للنادي ليكون متصدراً جدول عقوباته الانضباطية (المفترضة) بحرمانه من مرافقة اي فريق او الجلوس على دكة الاحتياط لموسمين بسبب انتقاده الاتحاد من خلال القنوات الاعلامية وهو بذلك يحاول ان يوجه رسالة شديدة اللهجة ويعلن عزمه تغيير موقفه بالصمت على أية إساءة توجه له يمكن ان تمس سمعته وتفقده سماته القيادية.
ما نرمي إليه لا بتعلق بمبدأ العقوبة بقدر ما هو قراءة منطقية لحيثيات وظروف وطريقة الإجراء الذي فاجأ الجميع بالوسط الكروي...ولا باس إن تحدثنا عن آخر ما ذكرناه ونؤكد ان الاتحاد خرج عن المألوف وفرض العقوبة بنوع من القسوة برغم سيل الانتقادات التي تعرض اليها منذ توليه دفة قيادة الكرة العراقية وحتى يومنا هذا ومع ذلك لم يتخذ ضد منتقديه أية خطوة مشابهة باتجاههم او حتى بأقل من ردة الفعل هذه! وهو تأكيد على أنه أهمل أمر بناء شخصيته طيلة الفترة الماضية وجعل النقد او حتى التجاوز شيئاً مألوفاً سمح للكثير لأن يتخطى الحدود ويكيـِّف تصرفه تحت بند حرية الرأي.
الغريب في الأمر ان اعلان العقوبة على عريبي خلت من الاستدلال على الفقرة او البند القانوني او الاداري التي استند عليه القرار كإجراء رسمي وحضاري يشكل التزاماً امام الرأي العام ومقنعاً للشخص المعاقب وغطاءً يحمي سلطة الاتحاد من أي تشكيك او تأويل يمكن ان يُرمى به باعتبارها شكلت سابقة غير مألوفة، وخاصة بعد ان دافع عريبي عن موقفه وأبدى استغرابه للعقوبة وطالب بعرض اي دليل يُثبت تجاوزه او إساءته .
باعتقادنا ان الاتحاد يمكن ان يكون الآن في موقف محرج فرضته عشوائية خطواته غير المدروسة بدقة وهو مطالب بتوضيح موقفه واثبات قانونية اجراءاته وحتى وان نجح بذلك فانه سيكون امام تساؤل مشروع باسباب عدم شمول كل مَن أساء الى الاتحاد سابقا بالعقوبات نفسها ومن ضمنهم اعضاؤه الحاليون ممن تسابقوا الى نشر خلافاتهم وانتقادهم العلني عبر وسائل الإعلام وصلت الى حدود التراشق بمختلف الاتهامات من دون ان يُطالهم اي اجراء حقيقي وملزم، اما اذا تراجع عن فرض قراره فان ما تذرع به من اسباب ستصبح آخر مسمار يدق في نعش شخصيته!
نقول: ان المحافظة على سمعة وشخصية الاتحاد كان من المفروض ان تكون احدى أوليات عمل رئيسه و اعضائه منذ انتخابهم من خلال تماسكهم ووحدة آرائهم ، وهي اول خطوات فرض الالتزام على الآخرين وبخلافه فان ما ينتج من فوضى يتيح لمن هم دون سلطته ان يتخذوهم قدوة بالسلب او الايجاب...الامر ببساطة لا يتعدى تطبيق القانون والمساواة في التعامل وشفافية وعلمية منهاج العمل عندها ستسير السفينة الى بــر الأمان من دون ان يفكر أحد بالتجاوز او محاولة إغراقها.
عقوبة خارج النص!
[post-views]
نشر في: 26 مايو, 2015: 09:01 م