اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حلّ الجيش العراقي..!

حلّ الجيش العراقي..!

نشر في: 26 مايو, 2015: 06:01 م

الحقّ في التفكير ثابت ومطلق، ولا سلطان على العقل المفكّر سوى ضمير صاحب هذا العقل. ولأن الافكار ليست كلها حسنة وجيدة وصائبة وحصيفة، فإن السيئ منها يتعيّن الجهر بمناهضته ومعارضته وتفنيده، بالطبع على قاعدة الحجة بالحجة والدليل بالدليل وليس قسراً وقهراً.
فكرة حلّ الجيش العراقي الحالي ليست فقط أكثر سوءاً من قرار حلّ الجيش السابق برمّته غداة سقوط صدام حسين ونظامه، وإنما هي فكرة خرقاء للغاية، وبخاصة في الظرف الخطير الراهن.
في 2003 لم يكن هناك داعش الذي يحتل الآن ثلث مساحة البلاد ويهدد باحتلال المزيد، فيما كان هناك أكثر من 50 ألفاً من نخبة القوات الأميركية والبريطانية وسواها. مع ذلك تبيّن لاحقاً ان القرار بحلّ الجيش السابق بقضّه وقضيضه لم يكن حسناً ولا جيداً ولا صائباً ولا حصيفاً.. كان سيئاً، وكانت كلفته باهظة للغاية، مئات الآلاف قتلى ومصابين وعشرات المليارات من الدولارات خسائر مادية.
الجيش الجديد ليس على قدر المهمة المُكلف بها ولا على قدر المسؤولية الوطنية المُناطة به.. هذا ما ظهر وبدا وثبت المرة تلو الأخرى.. لكن العيب ليس في جنوده وضباطه الصغار بل في قياداته، وبالذات القيادات العليا التي جعلت منه مؤسسة للفساد وليست للقتال في أوقات الشدّة والمحن.. لم يُبنَ الجيش على أسس صحيحة .. والأسس الصحيحة هي: الكفاءة والمهنية والوطنية .. الحكومتان السابقتان، والقيادتان العامتان السابقتان للقوات المسلحة، وهما قيادة واحدة، هي المسؤولة عن ذلك.. التعيينات وإناطة المهام والمسؤوليات كانت تجري طوال ثماني سنوات على وفق الأهواء والرغبات والمصالح الشخصية والحزبية، وهذا ما يفسّر الخرق المتواصل، على مدى تلك السنوات، لأحكام الدستور التي تقضي بعرض القيادات العسكرية والأمنية على مجلس النواب للمصادقة عليها.
حلّ الجيش الحالي سيعني فتح أبواب بغداد، ومن بعدها سائر مدن الوسط والجنوب، على مصاريعها أمام داعش، أو أقله صوملة العراق بجعله تحت "رحمة" الميليشيات المتفاقم عددها والمتصارعة على كل شيء، ليتحوّل الى دويلات طوائف الطوائف.
العمل الحسن والجيد والصائب والحصيف هو ما كانت الحكومات السابقة كلها، والطبقة السياسية برمتها، مُطالبةً به، قبل أن يجتاحنا داعش وبعدما حصل الاجتياح، وهو إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية كلها استناداً إلى الأسس الصحيحة، وإنجاز هذه المهمة بنجاح يتطلّب هيكلة النظام السياسي والعملية السياسية جملةً وتفصيلاً، فخراب المؤسسة العسكرية والأمنية من خراب النظام السياسي القائم، وفساد قيادات الجيش والمؤسسة الأمنية هو من فساد الطبقة السياسية.
فكرة ّ الجيش تنطوي على طعن في وطنية العراقيين جميعاً فيما المطعون، أو في الأقل المشكوك، في وطنيتهم هم أعضاء الطبقة السياسية المتنفذة التي يقدّم كل يوم يمرّ دليلاً جديداً على أنها غير مؤهلة حتى لإدارة أصغر ناحية من نواحي البلاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ياسين عبد الحافظ

    الجيش هو قلب الامة والمجتمع (القوة الضاربة)نتاج الروح المعنوية للمجتمع، ولا يمكن لاية قوة الا ان يسودها قانون وعدالة، وبدونها تتحول القوة الى بركة اسنة، كيف تعتب على بريمر! انه حاكم مدنى مؤقت ،يدير بلد تحت الفصل السابع لقرارات مجلس الامن الدولى، هل تريد

  2. الشمري فاروق

    القيادات السياسيه والاحزاب الطائفيه بكل الوانها واشكالها ومسمياتها( الاحزاب الدينيه قيادات وقواعد وجماهير (

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram