الحقّ في التفكير ثابت ومطلق، ولا سلطان على العقل المفكّر سوى ضمير صاحب هذا العقل. ولأن الافكار ليست كلها حسنة وجيدة وصائبة وحصيفة، فإن السيئ منها يتعيّن الجهر بمناهضته ومعارضته وتفنيده، بالطبع على قاعدة الحجة بالحجة والدليل بالدليل وليس قسراً وقهراً.
فكرة حلّ الجيش العراقي الحالي ليست فقط أكثر سوءاً من قرار حلّ الجيش السابق برمّته غداة سقوط صدام حسين ونظامه، وإنما هي فكرة خرقاء للغاية، وبخاصة في الظرف الخطير الراهن.
في 2003 لم يكن هناك داعش الذي يحتل الآن ثلث مساحة البلاد ويهدد باحتلال المزيد، فيما كان هناك أكثر من 50 ألفاً من نخبة القوات الأميركية والبريطانية وسواها. مع ذلك تبيّن لاحقاً ان القرار بحلّ الجيش السابق بقضّه وقضيضه لم يكن حسناً ولا جيداً ولا صائباً ولا حصيفاً.. كان سيئاً، وكانت كلفته باهظة للغاية، مئات الآلاف قتلى ومصابين وعشرات المليارات من الدولارات خسائر مادية.
الجيش الجديد ليس على قدر المهمة المُكلف بها ولا على قدر المسؤولية الوطنية المُناطة به.. هذا ما ظهر وبدا وثبت المرة تلو الأخرى.. لكن العيب ليس في جنوده وضباطه الصغار بل في قياداته، وبالذات القيادات العليا التي جعلت منه مؤسسة للفساد وليست للقتال في أوقات الشدّة والمحن.. لم يُبنَ الجيش على أسس صحيحة .. والأسس الصحيحة هي: الكفاءة والمهنية والوطنية .. الحكومتان السابقتان، والقيادتان العامتان السابقتان للقوات المسلحة، وهما قيادة واحدة، هي المسؤولة عن ذلك.. التعيينات وإناطة المهام والمسؤوليات كانت تجري طوال ثماني سنوات على وفق الأهواء والرغبات والمصالح الشخصية والحزبية، وهذا ما يفسّر الخرق المتواصل، على مدى تلك السنوات، لأحكام الدستور التي تقضي بعرض القيادات العسكرية والأمنية على مجلس النواب للمصادقة عليها.
حلّ الجيش الحالي سيعني فتح أبواب بغداد، ومن بعدها سائر مدن الوسط والجنوب، على مصاريعها أمام داعش، أو أقله صوملة العراق بجعله تحت "رحمة" الميليشيات المتفاقم عددها والمتصارعة على كل شيء، ليتحوّل الى دويلات طوائف الطوائف.
العمل الحسن والجيد والصائب والحصيف هو ما كانت الحكومات السابقة كلها، والطبقة السياسية برمتها، مُطالبةً به، قبل أن يجتاحنا داعش وبعدما حصل الاجتياح، وهو إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية كلها استناداً إلى الأسس الصحيحة، وإنجاز هذه المهمة بنجاح يتطلّب هيكلة النظام السياسي والعملية السياسية جملةً وتفصيلاً، فخراب المؤسسة العسكرية والأمنية من خراب النظام السياسي القائم، وفساد قيادات الجيش والمؤسسة الأمنية هو من فساد الطبقة السياسية.
فكرة ّ الجيش تنطوي على طعن في وطنية العراقيين جميعاً فيما المطعون، أو في الأقل المشكوك، في وطنيتهم هم أعضاء الطبقة السياسية المتنفذة التي يقدّم كل يوم يمرّ دليلاً جديداً على أنها غير مؤهلة حتى لإدارة أصغر ناحية من نواحي البلاد.
حلّ الجيش العراقي..!
[post-views]
نشر في: 26 مايو, 2015: 06:01 م
جميع التعليقات 2
ياسين عبد الحافظ
الجيش هو قلب الامة والمجتمع (القوة الضاربة)نتاج الروح المعنوية للمجتمع، ولا يمكن لاية قوة الا ان يسودها قانون وعدالة، وبدونها تتحول القوة الى بركة اسنة، كيف تعتب على بريمر! انه حاكم مدنى مؤقت ،يدير بلد تحت الفصل السابع لقرارات مجلس الامن الدولى، هل تريد
الشمري فاروق
القيادات السياسيه والاحزاب الطائفيه بكل الوانها واشكالها ومسمياتها( الاحزاب الدينيه قيادات وقواعد وجماهير (