TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نعم يا زميلتي: عمريش؟

نعم يا زميلتي: عمريش؟

نشر في: 26 مايو, 2015: 09:01 م

هيّج عمود زميلتنا عدوية الهلالي، الذي كتبته اول أمس، بداخلي شجونا كنت حسبتها قد دفنت. لم استغرب من وقفتها عند بائع الغاز الذي كتب "عمريش؟" على عربته، لا لأنها كاتبة فطنة، حسب، انما لأنها عراقية اولا. وللعراقية مع حسبة العمر وقفات اغلبها مرّ. في العمارة كانت رقابة "النواطير" قد جعلتها تكره عمرها وتوده ان يقصر الى حيث الموت:
إبعيني اشـوف اهواي وشتمـر عنّــــــــــــه
عمر العليــــــه ناطــــــــور يِـِكصَـر عسنّه
وعراقية أخرى تحسب العمر لا بالسنين بل بالهموم:
عــد وآنــه عــد ونشــــــوف ياهـو اكثر اهموم؟
مـن عمـري سبـع سنيــــــن وكليبــــــي مالـــــــــوم
ثم تأتي الصرخة على لسان فراتية ترى في غربة العمر موت وتلف:
يـــا كلبي هـذا المــوت هــــذا الـيـتـلفــــــــك
التـكضي العمــر ويّاه مـا چـن يعــرفـك
بربكم هذا عمريش؟
وهل كان حظ العراقي أكثر وسامة من العراقية؟ لا يا عمّ. فعريان السيد خلف أختصر الوصف:
وطالت .. والعمر كلما تلف بيه طول

غم ذاك العمر من ينكضي اتعلعل
هذا العمر الذي قال عنه أهلنا اننا ابتلينا به، لخصه بائع الغاز العراقي والتقطته زميلتنا عندما سأل: "عمريش؟"، وابتلت هي الأخرى على عمرها بكيف تجيبه.
هذه الـ "عمريش؟" واحدة من "حسجة" العراقيين الملتهبة التي تختصر العذاب. وان كان بائع الغاز قد خطها مكشوفة فإنها مكتوبة بلون آخر على ضلوع الغابشين للمساطر. وبطعم آخر على قلوب الثكالى واليتامى والارامل. ولو فتشتم عنها جيدا ستجدونها في دفاتر البنات والشباب وحتى على عيونهم. انها هناك في الشوارع وعلى الأبواب والجدران والشبابيك. وفي دموع أطفالنا الباحثين عن لقمة خبز في مكبات القمامة. وعلى وجوه بائعي الكلينكس تحت حرّ الشمس وشفرات البرد، في انتظار رحمة ازدحام تمن عليهم بمن يشتري منهم علبة يعودون بها لأمهاتهم الخائفات عليهم من الموت.
انها في كل مكان وزاوية الا في الخضراء، حيث الجيوب المترعة. والوجوه المحمرة من أثر شفط اللحم الدسم والمغمس بعطر الدولارات الطويلة. ونعومة العيش الدافئ شتاء. والمنعش حد الغفوة الهانئة صيفا.اما عند أولاد الخايبات وبناتهن، فانها مكتوبة على الوسائد التي ان ودعتهم في الصباح فلا تعلم ان كانوا سيعودون لها في الليل لتمتص دموعهم أم لا. عمريش؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ali

    عمريش

  2. وليد خالد

    ذكرني مقالك بالبيت التالي عمر الي انكظه بالصنات ببوب التجانيد...

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram