اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ريبورتاج.. محال المرطبات ... تثلج ليل بغداد الساخن

ريبورتاج.. محال المرطبات ... تثلج ليل بغداد الساخن

نشر في: 30 مايو, 2015: 12:01 ص

برِّد برِّد بدرهم ... هكذا كان يردد عمو حميد وهو يطوف بعربته كل يوم في درابين المحلة، موطة عمو حميد كانت الملاذ اليومي لنا، نحن صغار المحلة، لا بل حتى الشباب ومن زادهم عمرا. مع عمو حميد كانت الحجية بهية صانعة "الدوندرمه" بألوانها البراقة، وهي تصطف في

برِّد برِّد بدرهم ... هكذا كان يردد عمو حميد وهو يطوف بعربته كل يوم في درابين المحلة، موطة عمو حميد كانت الملاذ اليومي لنا، نحن صغار المحلة، لا بل حتى الشباب ومن زادهم عمرا. مع عمو حميد كانت الحجية بهية صانعة "الدوندرمه" بألوانها البراقة، وهي تصطف في فريزر الثلاجة. 

الموطا الدوندرمة هي السلع الأكثر استهلاكا في العراق موسم الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة في مدن العراق لأكثر من 50 درجة، وهنا تنتشر في عموم الشوارع والتقاطعات، إما في محال بيع العصائر المثلجة والآيس كريم أو تروج من خلال عربات جوالة يتخصص كل منها في منتج معين مثل (شربت الزبيب، عرق السوس، الرمان، البطيخ، الحمضيات بكافة أنواعها .)
مشتركات العائلة
بغداد والليل شقيقان لا يفترقان مهما حاول الأغراب. وليل بغداد الصيفي يعود الى الافق رغم سخونته اذا كان جوياً من خلال الأنواء او ارهابياً من خلال التفجيرات وهذه المرة مع محال المرطبات، المثلجات والعصائر، والتي اخذت تتنوع شكلاً وطعماً. تقول (ام ريتاج) من سكنة الغدير: صيفنا يختلف كثيرا عن بقية البلدان فهو ساخن لايطاق خاصة في ظل تدهور الكهرباء، لذا لابد من زيارة محال المرطبات واخذ قسط من التبريد، خاصة مع تطور صناعة الموطا والدوندرمة اذ لم يعودا حكرا على الاطفال فقد باتا من مشتركات العائلة.
كلمة (دوندرمة) تركية الأصل وهم من ادخلوا هذه الحرفة لبغداد خلال الحكم العثماني ومازال البغداديون يمارسونها حتى يومنا هذا حيث تستخدم مواد بسيطة لإنتاج الآيس كريم ، وهي اسطوانة مفتوحة من الأعلى تغمس في حوض ثانٍ أوسع يوضع فيه الثلج والملح، فيما يوضع الحليب والسكر والمطيبات في الاسطوانة الأولى ويبدأ البائع بتحريكها يمينا ويسارا فتولد الحركة انخفاضا بدرجة الحرارة نتيجة ذوبان الملح الذي يمتص كامل الحرارة في الاسطوانتين ويبدأ تحول الحليب لحالة الانجماد، لتخرج مادة (الأزبري) وهي احدى اخوات الآيس كريم.
في احد اركان مثلجات السائحة يجلس (سعدي ملا لطيف) برفقة عائلته منتظرين ما طلبوه من انواع المثلجات ، فكل واحد منهم كما يقول له طلب خاص ونوعية يفضلها/ ليس كما كان في السابق في عهدنا اذ كانت النوعية واحدة واللون واحد والشكل واحد لكن الطعم كان مميزا جدا، وربما لايضاهيه ما يقدم الان. ملا لطيف عاد بذاكرته الى الايام الخوالي وباعة الموطا في الفضل وهو يدور في ازقتها.
تصدير الموطا
في اعلان قديم نشر في احدى الصحف يشير الى انتاج وبيع الموطا في العراق بترخيص من شركة ”motta”الايطالية للايس كريم والاغذية المجمدة. الشركة اممت عام ١٩٦٤ بقرارات تأميم البنوك والشركات الخاصة، عملت لفترة لحين نفاد مواد الانتاج قبل، كان المدير المفوض للشركة اسمه (سليم مكي) ابن الوجيه البغدادي والتاجر المعروف مكي الدروبي. قبل ذلك افتتح اول معمل للمرطبات ملحق بمعمل الثلج في الكرخ بمحلة (التكارتة) لصاحبه الحاج المرحوم (سلمان الجبوري). وبما ان المنطقة اصغر من ان تستهلك مرطبات المعمل آنذاك الامر الذي دفع الجبوري الى ان يسوق المنتج خارج منطقته، من خلال عربات خشبية جوالة في مناطق الكرخ الرئيسية. ليل الكرادة جوهرة بغداد لذا نجد العوائل من المنطاق المحيطة بالكرادة تتوافد على سوقها ومطاعمها ومحال المرطبات العصائر / والمثلجات.
المعلمة المتقاعدة (نهلة كريم) تقول: لاتخفى سخونة الصيف العراقي والشد الذي نعانيه من الوضع القائم، ورغم صعوبة الامر وتدهور الوضع الامني نحرص بين آونة واخرى على الترويح عن النفس بالخروج الى المطاعم والحدائق المتوفرة، وفي الصيف فلا ملاذ ابرد من المرطبات والعصائر. السيدة نهلة تعود بذاكرتها الى ايام الدراسة في منطقة باب الشيخ وبائع الدوندرمه المتجول (ابو صبرية) الذي يقف بالقرب من المدرسة اذ كانت الطالبات تلتف حوله لشراء (الدوندرمة). مضيفة: كانت لذيذة جدا تشبه (العلكة) في قوامها اما طعمها فحدث ولا حرج وكان احيانا يعمل منها كرة يرفعها عاليا في الهواء للدلالة على تماسكها كما يقول هو (علوجة).

 

 

فاصلة:

 

مئات ،ان لم تكن الاف، المحال والاسواق في كل ارجاء البلاد تبيع الموطا واخواتها المستوردة من دول الجوار، بنوعية واشكال مختلفة ومنوعة، وباسعار متابينة تبعا لنوعية وجهة الانتاج، قد تصل المبالغ الى مئات الملايين من الدولارت بحيث يمكن فتح عشرات المعامل بها واعادة انتاج الموطا وطنيا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram