اتساع استخدام التقنيات الحديثة من حاسبات وهواتف ذكية جعل الكثير من الالعاب تنقرض لا احد من ابناء الجيل الجديد يمارسها ، الحيَّة والدرج وبلبل حاح وسبع حجارات وحجي بريج وغيرها كانت من وسائل الترفيه المتاحة قبل عشرات السنين، حتى اصبحت جزءا من الفولكلور الشعبي المحفوظ بالذاكرة والمتاحف الواقعة في المدن الخاضعة حاليا لسيطرة الاجهزة الامنية تلك الالعاب كان يمارسها ابناء الفقراء من عباد الله .
الساسة والمسؤولون العرب كانت لهم العابهم المفضلة ، فمنهم من يجيد لعبة الدومينو والطاولي ، وآخر يفضل الشطرنج لانه يقربه من ساحة المعركة ، فيحرك القطع بخبرة عسكرية ليحقق النصر على الاعداء بأقل الخسائر . اما لعبة "الحيّة والدرج" فظلت محافظة على حضورها في الساحة العراقية على الرغم من انقراضها ، فتبادل الاتهامات بين السياسيين ، والشد والجذب ، والفشل في حسم الملفات العالقة جعل اللعبة تحافظ على حضورها في بلاد ما بين النهرين .
السياسيون كغيرهم من البشر، تتفاوت قدراتهم العقلية بين شخص وآخر ، وليس بالضرورة ان يمتلك زعيم الحزب او عضو مجلس النواب او المسؤول ، الحكمة والذكاء الخارق فيحظى بتأييد جماهيري واسع ، وتعلق عليه الآمال لتجاوز الأزمات ، وحل المشاكل ، ومنها على سبيل المثال حماية الوطن من الاعتداءات الخارجية والداخلية . هذا النوع من السياسيين لايسعفه حظه العاثر في صعود الدرج .
في المنطقة العربية ، المصادفة في بعض الاحيان تصنع السياسيين ، وللقوى الخارجية الدور الاهم في تسويقهم ، وجعلهم يحتلون واجهة المشهد السياسي ، فيما ينحسر حضور الاحزاب ذات التراث النضالي ، المعروفة بتضحياتها الكبيرة ، فيكون وجودها خارج المشهد ، لفقدانها التمثيل في المجلس النيابي ، والسلطة التنفيذية . الحياة السياسية في العراق بعد الغزو الاميركي افرزت نماذج من الساسة يمتلكون الحظ الحسن فصعدوا الدرج على اكتاف قواعدهم الشعبية .
يقال ان سلوك السياسي هو انعكاس طبيعي لعقله ، فصاحب العقل المنفتح ، يمتلك الرغبة في الحوار مع الاخر، ولديه استعداد التفاوض مع المعارضين والخصوم ، وهو اقرب لتسوية خلافاته مع هؤلاء ، انطلاقا من ايمانه بان الخلاف لا يخدم مصالح الاطراف المتنازعة . اما صاحب العقل المنغلق ، وخاصة عندما يكون في منصب كبير بالدولة ، فغالبا ما يلجأ الى التصعيد ، يضطر الى استخدام السلاح في التعامل مع خصومه وحتى شركائه ، فيعطي صورة ثلاثية الابعاد ، عن حالة الجنون ، ونتيجة مواقفه وممارساته يدفع البلاد الى منزلق خطير .
واقع الحياة السياسية يشير الى وجود صراع على السلطة ، على الرغم من وجود نص في الدستور يؤكد تدولها سلميا ، ويوم اعلنت القوى العراقية مشاركتها في العملية السياسية بات عليها احترام الدستور، لانه المرجعية الوحيدة المتاحة لتجاوز الأزمات وفي مقدمتها تراجع الأوضاع الأمنية بشكل مخيف ، واي حديث خارج هذا الاطار ينطلق من عقل منغلق.
الشعب العراقي شخَّص عقلاء السياسية ، ومجانينها واصبحت لديه القدرة الكبيرة على التمييز بين العقول المنفتحة والمنغلقة ، وعرف ايضا من يستخدم لعبة الحيَّة والدرج لتحقيق اهدافه الانبطاحية والوطنية .
سياسيون حيَّة ودرج
[post-views]
نشر في: 30 مايو, 2015: 09:01 م