يلتقي وزيرا الخارجية الإيراني والأميركي محمد جواد ظريف وجون كيري في جنيف، قبل شهر من المهلة المحددة لتوصل المفاوضات الماراثونية إلى اتفاق تاريخي بشأن البرنامج النووي الإيراني.
والتوصل إلى تسوية مع إيران ليس مجرد أولوية لدى الرئيس الأميركي باراك أوبا
يلتقي وزيرا الخارجية الإيراني والأميركي محمد جواد ظريف وجون كيري في جنيف، قبل شهر من المهلة المحددة لتوصل المفاوضات الماراثونية إلى اتفاق تاريخي بشأن البرنامج النووي الإيراني.
والتوصل إلى تسوية مع إيران ليس مجرد أولوية لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما بل يندرج في إطار طموح أكبر، هو تحقيق مصالحة بين الولايات المتحدة والقوة الإقليمية الشيعية على أمل تهدئة النزاعات في الشرق الأوسط.
وتجري القوى الكبرى منذ خريف 2013 مفاوضات مع إيران برعاية الاتحاد الأوروبي بشأن برنامجها النووي المثير للجدل الذي يسمّم العلاقات الدولية منذ 2003، من أجل التوصل إلى وسيلة للسيطرة على أي طموحات ذرية لدى طهران مقابل رفع للعقوبات.
وبعد اتفاق مؤقت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، واتفاق مبدئي في 2 أبريل (نيسان) 2015، بات أمام الأطراف مهلة حتى 30 يونيو (حزيران) لتوقيع اتفاق كامل ونهائي.
ويلتقي كيري وظريف اللذان يقودان هذه المفاوضات منذ أشهر، صباحا في جنيف ليوم من المشاورات. ويرافق كيري وزير الطاقة الأميركي أرنست مونيز والمديرة السياسية في وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية «بقي لنا شهر. أعتقد أنكم ستشهدون تصعيدًا» في حزيران/يونيو الذي «سيكون شهرا مكثفا جدا». مؤكدًا أن واشنطن حريصة على «موعد 30 يونيو ولا تفكر حاليا في تمديد المفاوضات».
وكان مفاوضون من مجموعة 5+1 التي تضم القوى الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) وإيران في فيينا هذا الأسبوع.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيفري راثكي «كنا واضحين منذ البداية: ونسعى إلى اتفاق جيد وليس إلى اتفاق كيفما كان»، مؤكدا أن واشنطن تعارض «تمديدا» للمفاوضات إلى ما بعد نهاية حزيران/يونيو.
فقبل شهر من المفاوضات تحدثت إيران والدول الأوروبية هذا الأسبوع، عن إمكانية تمديد للمحادثات إلى بداية يوليو (تموز).
وأفاد نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن المفاوضات ستستمر حتى الموعد المحدد وقد تتواصل بعد ذلك.
من جهّته صرح السفير الفرنسي في واشنطن جيرار ارو، أن «مهلة حزيران/يونيو قد تشهد مصير مهلة مارس (آذار) باتفاق يوقع بعد أيام»، ملمحا إلى الاتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه في لوزان وأبرم في الثاني من أبريل بدلا من 31 مارس.
كما ذكر مصدر دبلوماسي غربي، أن هذا اللقاء الجديد بين كيري وظريف في جنيف «يهدف إلى التوضيح، إذ إن الإيرانيين سيقولون ما يستطيعون فعله وما لا يستطيعون، والأميركيون سيشيرون إلى ما هو ليس على ما يرام».
وفي الواقع تشكل قضية عمليات التفتيش الدولية للمواقع النووية بهدف ضمان الطابع المدني والسلمي للبرنامج الإيراني، إحدى النقاط الشائكة.
وتستبعد طهران التي نفت باستمرار رغبتها في امتلاك قنبلة ذرية، أي تفتيش لمواقعها العسكرية باسم حماية مصالحها القومية. إلا أنها قد توافق على «دخول في إطار منظم» لخبراء أجانب بموجب البروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الانتشار النووي.
وقال نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي عند وصوله جنيف للمشاركة في المحادثات إن إيران ترفض قيام "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بـ "تفتيش مواقعها العسكرية" واستجواب علمائها في إطار اتفاق حول الملف النووي. واضاف، إن جولة المفاوضات التي انعقدت بالعاصمة النمساوية، فيينا، حول نووي طهران، «جرت حول الحلول البديلة»، مؤكدا أن «المفاوضات مستمرة حتى يتم التوصل إلى حل مشترك». وأوضح عراقجي أن تصريحات الزعيم الديني الايراني آية الله علي خامنئي، بخصوص عدم السماح لأي جهة ما بتفتيش المرافق العسكرية الإيرانية في إطار الاتفاق النووي «تمثل خارطة طريق بالنسبة لنا لا يمكن تجاهلها». وتابع «مسألتا تفيتش المرافق العسكرية الإيرانية، وعقد لقاءات مع علماء النووي الإيرانيين، ليستا مطروحتان على جدول المفاوضات»، مضيفا: «ولقد أخبرنا الطرف المقابل أن هذين الأمرين لن يكونا مطروحين للتفاوض».
وفي طهران، اكد الرئيس الايراني حسن روحاني ان البرنامج النووي المدني الإيراني هو لمصلحة الشعب الايراني وشعوب المنطقة وليس ضد احد، على العكس مما يروج له المغرضون. وقال الرئيس روحاني في كلمته السبت، اننا سنثبت للعالم بان التكنولوجيا النووية تخدم مصلحة الشعب الايراني وشعوب المنطقة ولن تضر احدا رغم ما يروج له المغرضون. واشار الى اتخاذ خطوات واسعة على صعيد المفاوضات النووية وقال ان الفريق الذي يتولى مسؤولية المفاوضات في الوقت الحاضر هو في مستوى عال من التخصص من الناحية السياسية والقانونية والتقنية وهم الخبراء الافضل في البلاد. واكد الرئيس روحاني، بان الفريق الايراني يتفاوض على اساس دعم الشعب والاطر المرسومة من قبل النظام والخطوط الحمراء المحددة وهي امور يعرفها الفريق المفاوض ويعرف كيف يتحدث ويمضي في الطريق الصحيح. واشار الى اننا نريد القول بان الشعب الايراني العظيم يمتلك القدرة اللازمة التي تمكنه من تثبيت حقوقه بسهولة من خلال المفاوضات مع القوى العالمية الكبرى والدفاع عن حقوقه ورفع الحظر الظالم المفروض عليه.
ويعتقد دبلوماسي غربي أن «كيري سيؤكد أمام ظريف أهمية عمليات التفتيش هذه بالنسبة للقوى الست»، مؤكدا أنها إحدى النقاط الأساسية.
إلى ذلك، شدّد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيو أمانو الذي سيطبق الاتفاق الذي سيجري التوصل إليه، ضرورة أن تتمكن هذه الهيئة الدولية من دخول كل المواقع بما فيها المواقع العسكرية.
في السياق كرر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الموقف نفسه محذرا من أن باريس «لن تقبل أبدا باتفاق إذا لم يجر التحقق من كل المواقع الإيرانية بما فيها المواقع العسكرية».
ومن الجدير ذكره أن فرنسا تتبنى الموقف الأكثر تشددا بين دول مجموعة 5+1 وتخشى من أن تفرط الولايات المتحدة في تقديم التنازلات من أجل توقيع اتفاق تاريخي. وتوصّلت ايران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين لاتفاق مبدئي في الثاني من نيسان (أبريل)، لكن لا تزال مسائل عدة من دون حل. وحدّد الجانبان موعداً نهائياً للتوصل إلى اتفاق شامل في الـ 30 من حزيران (يونيو). في حين تشكل قضية عمليات التفتيش الدولية للمواقع النووية والعسكرية بهدف ضمان الطابع المدني والسلمي للبرنامج الإيراني، إحدى النقاط الشائكة، حيث تستبعد طهران تفتيش أي موقع عسكري لاعتقادها أن ذلك يضر بأمنها ومصالحها القومية، مع وجود إمكانية لقبولها بـ "دخول في إطار القواعد" لخبراء أجانب إلى مواقعها بموجب البروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الانتشار النووي. أمّا إدارة الرئيس باراك أوباما فتتعرض لضغوط من الكونغرس الجمهوري المعادي في أغلبيته لإيران.