TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كتاب وحزن عراقي

كتاب وحزن عراقي

نشر في: 31 مايو, 2015: 09:01 م

في زيارتي الأخيرة للندن خطر ببالي ان أمارس عادة قديمة اعتدها وهي ان ابحوش في الكتب العتيقة التي تعرضها دكاكين الجمعيات الخيرية مثل "اوكسفام". تغريني الكتيبات العتيقة والصغيرة الحجم. التقطت كتيبا مطبوعا في العام 1956 لروبرت دوانز، ربما قرأه بعضكم او اكثركم. انه "كتب غيّرت العالم". استعراض موفق ودقيق وشيق أيضا لستة عشر كتابا. كنت قرأت بعضا منها وبعض لم أفعل.
اكتشفت ان مذاق الكتاب أيام الصبا يختلف عند العودة اليه في الكبر. كما الكأس الأولى التي كنت تحسها لذيذة في اول أيامك قد تجدها في ما بعد مرة في منفاك او شيخوختك. والعكس قد يصح. فما كان مرا في شبابك قد يصبح أحلى لو كبرت.
في المرة الأولى التي قرأت بها كتاب "الحس العام" Common Sense امتلأت بالأمل والانتعاش. كان ذلك في بداية أيام منفاي أوائل الثمانينات. انه في الحقيقة كتيب صغير وليس كتابا. لكنه رشيق مقنع بلغته وافكاره. عندما اعدت قراءة مختصره هذه المرة لفّني اليأس والاكتئاب وانتبهت الى خيبات كثيرة يبدو اني أغفلتها سابقا. باختصار، صار حالي كحال ذلك العراقي الريفي الذي كتب له "العرضحالجي" مصيبته. قرأها عليه فصار الفلاح يبكي مرددا: أكلّ هذا مرّ عليّ وانا لا أدري؟
ثيمة الكتاب ثورة مثقف على السكوت العام. صاح لا بد من استقلال امريكا وانفصالها عن التاج الملكي البريطاني. صيحته في وقتها كانت كمن مزق كتابا مقدسا في محفل ديني. لم يأت بنظريات او حسابات بل ناشد الناس ان تستخدم حسها العام، أي الآدمي او الإنساني. لم يأبه بمن حاربوه او شتموه او حتى الذين سجنوه. جاهر بالحل الذي لا بد منه ولا يوجد غيره ثم حققه.
وها هو العراق امامي ينزف ويتقطع وغده في كل يوم أسوأ من أمسه. وفي داخلي صيحة أجد فيها حلا. لا ادعي اني امتلكه وحدي فكثيرون يعرفونه. المشكلة انهم يهمسونه همسا. ليش؟
أخاف احجي وعليّه الناس يكلون ..
لهذا حزنت وربما سأظل كذلك حتى يأخذ الرب أمانته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ياسين عبد الحافظ

    لا احلى من صرخة القلب والعقل، للتاريخ وللاحفاد هي ذكرى، الاديان تتغير ،الحظارات تزول، والسنة فى التغيير، كان العالم فى العصر الحجرى ثم المعدنى ووو ثم العولمة، ،لا تخافوا انخرطوا مع العامة في مشاعرهم وامالهم، اعطى رايك، اصرخ، سترتاح، فى شبابجى صرخت مرة صرخ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram