TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نقاشات بلا طائل

نقاشات بلا طائل

نشر في: 1 يونيو, 2015: 09:01 م

في كل سيارة (كيا)، لابد ان تعقد يوميا جلسة ديمقراطية تطرح فيها مختلف المواضيع وتجري مناقشتها من قبل ركاب الكيا، فيختلف بعضهم مع البعض الاخر ويحتدم نقاشهم ويتطور الى خلاف ينتهي بنزول الركاب في مناطقهم احيانا..لكن موضوعا واحدا يظل موضع اجماع واتفاق بينهم بمجرد طرحه على طاولة نقاش الـ(كيا) وهو معاناتهم من الازدحام والتأخر عن دوامهم الرسمي ومشاويرهم المهمة وحتى التزاماتهم الاجتماعية، اذ ان ركاب الكيا،وكل ركاب المركبات الاخرى، ومهما اختلفوا في اديانهم وطوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم فكلهم يسعى نهارا الى وظيفته او باب رزقه او شأنه الخاص يجمعهم هم واحد هو الرغبة في الوصول الى مقاصدهم باسرع وقت ممكن...
في واحدة من تلك الجلسات، بدأ الموضوع بزفرة نفاد صبر من احد الركاب اعقبها لومٌ قاسٍ من احد الموظفين للسا ئق لعدم اختياره طريقا اقل ازدحاما كان قد نصحه باختياره..اندلقت عبارات انفعالية من السائق بدلا من الاعتذار الذي يقل استخدامه في الشارع العراقي غالبا لتوتر الجميع بفعل تراكم الضغوط المختلفة عليهم لدرجة ابتعادهم اميالا عن الاسترخاء...لم يدم التوتر طويلا بفضل وجود نفر من الطلبة الجامعيين المعتادين على السخرية والضحك في اقسى الظروف، اما لصغر سنِّهم وقلّة حجم همومهم مقارنة بالكبار او لاختيارهم الضحك وسيلة للتغلب على عوائق الحياة التي تشمل العراقيين جميعا..
انبرى اولهم للسخرية من اسلوب تفتيش المركبات وفق نظرية (مرور الكرام) بعد انتظار طويل جدا ولاداعيَ له، بينما ومضت في ذهن الثاني فكرة حولها الى اقتراح مطالبا ركاب الكيا بالتصويت على تأييده لما فيه من حل عملي لمشكلة تأخر الموظفين عن دوائرهم على الاقل وتراكم المعاملات (ناقصة التواقيع) اذ اقترح تخصيص اقسام داخلية للموظفين في دوائرهم او وزاراتهم ونزولهم في العطل الرسمية لزيارة عوائلهم واذا اعترضت الزوجات على غياب الازواج يتم حرمانهن من رواتبهم!
والموظفات؟..تساءل احد الركاب منساقا وراء خيال الطالب، فجاء الجواب جاهزا من موظف ظل صامتا طويلا لكنه لم يجد بدا من المشاركة في اقتراح مثل هذا ليصب نقمته على زميلاته.." اقترح استمرار رواتبهن بشرط مكوثهن في منازلهن وعدم مزاحمتهن الرجال في العمل والطريق!!!"
انطلقت ضحكات من هنا وهناك، وعلا الوجوم وجوه امرأتين من الراكبات فشعر الطلبة بتعقد الموضوع والدخول في تفاصيل تمس مساواة المراة بالرجل وحقها في العمل، لذا فضلوا تغيير الموضوع فاقترحوا هذه المرة رفع سجلات (التواقيع) من الدوائر الرسمية نهائيا وعدم المحاسبة على الدوام..لكن احدا من الركاب لم يذكر شيئا ابدا عن رفع الحواجز الكونكريتية نهائيا او تقليل عدد المفارز او تنفيذ اقتراح السيد المالكي الذي قدمه خلال ولايته الثانية حين انكشفت خفايا صفقة استيراد اجهزة سونار التفتيش الفاسدة باستبدالها بكلاب بوليسية دون ان يأخذ بنظر الاعتبار ان تلك الكلاب مكلفة جدا وسترهق الميزانية (المتبخرة) اصلا بنفقات اضافية..أهمل الركاب الاسباب الحقيقية واختاروا اقفال المواضيع..ربما لأنها باتت مواضيعَ مستهلكة ولاحلول لها الابالانتظار..والصمت...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو اثير

    سيدتي الفاضلة ... أفضل طريقة لعراق آمن دون سيطرات أو كلاب بوليسية أو طائفية مقيتة هي أخلاء الساحة السياسية من السياسيين الطارئين الذين جاؤونا من الخارج مملوئين حقدا وكراهية ليعيش المجتمع العراقي كما كان يعيش منذ آلاف السنين بسلام وأمان وأخوة .

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram