في واحدة من لقاءاته التلفزيونية اعترض وزير الخارجية على استعمال كلمة "اكفّاء" بتشديد الفاء وطالب المذيع بتغييرها الى "اكفاء" من غير تشديد. حجته ان الأولى تعني فاقدي البصر والثانية تعني أصحاب الكفاءة والقدرة. انه على حق من الناحية اللغوية رغم اني لا أرى ضيرا في استعمالها على قاعدة "خطأ شائع خير من صواب ضائع". تبقى في كل الأحوال "لزمة" ناجحة من الجعفري الذي تشغله اللغة والالفاظ أكثر من الأفعال دائما.
لو كنت مكان المقدم في تلك اللحظة، وقد تمنيت ذلك بالفعل، لقلت له اشكرك لأنك اختصرت علي الطريق وكشفت لي سر هذا الخراب الذي يعم العراق. نعم لقد تسلط على العراق واقداره "اكفّاء" لا بالبصر، بل بالبصيرة وقواعد إدارة شؤون الدولة.
وكنت سأبدأ من وزارته أولا حيث الأقربون، في البرنامج، أولى بالمعروف. تفضل يا سيادة الوزير واعرض لنا عدد الاكفَاء وليس "الاكفّاء". اقصد هنا ما الذي قدموه للعراق بالفعل لا بالقول؟ كم دولة جديدة كسبوا للعراق صداقتها بحيث اذا شتمتنا دولة ما او وزير خارجيتها سيقولون لها قفي عند حدّك؟ ثم اثبت لنا انهم لم يتعينوا بفعل انتمائهم لهذه الطائفة او تلك، او لهذا الحزب او ذاك، او ليس بفعل قرابتهم من فلاّن وعلاّن.
ثم لنأخذ المعيار ذاته ونطبقه على كل الوزارات والدرجات الخاصة وزواغير الخضراء. ان لم تجد نسبة "الأكفّاء" فيهم تزيد عن 95% أو أكثر، فتعال عاتبنا او حاسبنا او حاكمنا. لو لم تتعاقب علينا حكومات "الأكفّاء" يا حضرة الوزير لتبلطت شوارعنا وانتعشت مدارسنا وجامعاتنا وأخضرت أرضنا وفاضت نهراننا بالخير. ووالله لما استجدى أطفالنا بالطرقات وعاش جمع من أهلنا في بيوت التنك وقسم من ناسنا يتنفسون بفضل ما تتكرم به عليهم المزابل.
وقبل هذا وذاك، لما شفطت الميزانيات الملياراتية شفطا ولما ضاع ثلث العراق بأراضيه ومدنه هبة للدواعش. ولما كانت هناك مجزرة سبايكر ولا الصقلاوية ولا غيرهما من المجازر.
ولولا "الاكفّاء" لما ضاعت فرصة "سحب الثقة" التي وربك لو لم يفشلوها لكان العراق غير الذي تراه اليوم مقطعا محتلا ودمعته في طرف عينه: بس يرمش اتطيح.
نعم: انهم "اكفّاء"!
[post-views]
نشر في: 1 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو اثير
من سخرية القدر أن يتبأو منصب وزير الخارجية شخصية كارتونية متمنطقة وفي ظروف هي أحلك الظروف الصعبة التي مرت على العراقيين رحمة الله على الباشا لو يكعد من قبره ويشوف ماذا حل بوزارة الخارجية التي كان يتبؤها خيرة سياسي القادة العراقيين وأدهاهم ذكاء وكياسة وسيا