في ادبيات بعض الاحزاب العربية الآيدولوجية يعد الانقلاب هدفا للوصول الى السلطة لتحقيق آمال الجماهير بالعيش الرغيد في ظل حكم الحزب الواحد ، المنطقة العربية من محيطها الى خليجها عرفت بانها بيئة مناسبة لتنفيذ انواع الانقلابات للوصول الى السلطة ، ومعظم اصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا الى المناصب عن طريق البيان رقم واحد او بالوراثة ، وهؤلاء اكثر تحسبا وخوفا وقلقا من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكيل اجهزة امنية مزودة باحدث الاسلحة والمعدات والامتيازات ، لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات، يبقى خطر الانقلاب الداخلي امرا محتملا ، وخيارا لمن يجد في نفسه القدرة على ان يكون البديل ليعيد استكمال دورة التاريخ في سرد احداث الاطاحة بحاكم ووصول آخر سرعان ما يتعرض للمصير نفسه .
التاريخ العربي الحديث يحتفظ بالكثير من احداث "الغدر والخيانة " للاطاحة باصحاب العروش سواء من قبل البطانة بمساعدة الزوجات والابناء والاحفاد ، او من قياديين بارزين في الحزب الحاكم،هذا النوع من الانقلاب يكون باللون الابيض ، وهو في حقيقته "اسود مصخم ملطم" بنظر من فقد السلطة، لكنه بلون " بمبي " وردي كما رددته المرحومة سعاد حسني في اغنيتها الشهيرة الدنيا ربيع والجو بديع .
رؤساء الانظمة العربية من اصحاب الجلالة والسيادة والسمو ، معظمهم يعيش معاناة مريرة نتيجة الخضوع لمخاوف تنفيذ انقلاب يقوده قياديون في الحزب الحاكم بذريعة اجراء حركة تصحيحية لمعالجة مشكلة الانحراف في مسار" الثورة " ويحتفظ التاريخ بشواهد ووقائع انقلابية من هذا النوع ، يقودها المقربون وبطانة المتربع على كرسي السلطة ، قد ينال شفقة الانقلابيين في الابقاء على حياته ليكون عبرة لمن اعتبر ، فضلا عن اعطاء صورة للمجتمع الدولي ثبت بان الحزب الحاكم يؤمن بالديمقراطية ، ويحرص على اجراء التصحيح لتحافظ الثورة على شبابها المتجدد ، لتحقيق اهداف الجماهير .
الانقلاب البمبي عادة ما يكون في انظمة امامها شوط طويل لترسيخ الديمقراطية ، العراق نموذجا، فمن خسر نفوذه السابق وفقد سلطة القرار ، وجرد من ألقابه يحاول بكل الوسائل الاطاحة بمن احتل منصبه ، فيتحالف مع المغامرين اصحاب الايمان المطلق بالدستور لسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء او رئيس الجمهورية ، فيكون انقلابه منسجما مع اغنية المرحومة سعاد حسني .
المسؤول الكبير المحتفظ بمنصبه في الوقت الحاضر بنظرية التوافق العراقية حين تتوفر الارادة السياسية والشعبية لمحاسبته لارتكابه وجرائم سرقة المال العام ، وقيادة القوات المسلحة لخوض الهزائم ، لاسبيل امامه الا محاولة تنفيذ انقلاب "بمبي" تحت شعار اجراء حركة اصلاحية بمباركة قياديين في الحزب الحاكم .
لطالما اعلن ساسة العراق ان زمن الانقلابات لن يعود يقصدون الانقلاب الابيض والآخر المدعوم من جهة خارجية ، لكنهم تجاهلوا الانقلاب البمبي ، وربما فكر احدهم بتنفيذه لتعزيز الديمقراطية بعملية تصحيحية ، والله اكبر فوق كيد المعتدي .
انقلاب "بمبي"
[post-views]
نشر في: 2 يونيو, 2015: 09:01 م