TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيف كنّا .. كيف صرنا!

كيف كنّا .. كيف صرنا!

نشر في: 2 يونيو, 2015: 09:01 م

واحدة من الفضائل الكثيرة والكبيرة للإعلام الجديد، وبخاصة المتدفّق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انه يوفّر إطلالة حيّة، بالصوت والصورة الساكنة والمتحركة، على الماضي، فالمواقع الإلكترونية العامة والشخصية تضخّ على مدار الساعة معلومات وصوراً وأفلاماً عن هذا الماضي.
القرن العشرون، بأحداثه العظمى وتقلباته الكبيرة ومنجزاته المذهلة، يبدو الأكثر إثارة للاهتمام من جانب الشباب على وجه الخصوص.. التعليقات المرافقة للـ"بوستات" تُظهر شغفاً لدى الجيل الجديد الذي يرى انه، بخلاف الجيل الذي سبقه، قد جاء الى الحياة في الزمن الخطأ، زمن العنف السافر والتعصب الديني والتشدد المذهبي، فالحقبة الممتدة من نهاية الأربعينيات الى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي تبدو لهذا الجيل العصر الذهبي للعرب والمسلمين.. عصر التنوير والتحضر والتمدن والتنمية والإبداع.
هنا في بغداد، على سبيل المثال، ثمة هوس في مواقع التواصل الاجتماعي بنشر الصور الفوتوغرافية والأفلام الوثائقية عن الحياة الاجتماعية والثقافية للعاصمة في تلك الحقبة.. جامعة بغداد، شارع الرشيد، شارع السعدون، شارع أبو نواس، ساحة التحرير، الكاظمية، الأعظمية، كرادة مريم، النوادي الاجتماعية، المسارح، دور السينما، صالات العروض التشكيلية، وسواها.
من أبرز ما يُلفت في تلك الوثائق، صوراً وافلاماً، ان العسكر، ضباطاً أو جنوداً في الجيش أم في الشرطة، من العهد الملكي أم من العهد الجمهوري، يظهرون ممشوقي القوام، مرتبي الهندام، نظاميين، ملامحهم ولغة أجسادهم تدلّ على التواضع. وهذا كله يخالف كثيراً ما نشهده الآن، فالصور التي تنشرها صحفنا والأفلام التي تبثها محطات التلفزيون نادراً ما نرى فيها ضابطاً بقوام رياضي.. كثير من الضباط، وبخاصة القادة، سمان بكروش متدلية، بعضهم بالكاد يستطيع أن يمشي.. وهذا لا يقتصر على ضباط المقرات وإنما حتى الضباط المرابطين في الميدان!
هذا لجهة الضباط، في الجيش والشرطة على حد سواء، اما الجنود والمراتب الأخرى فغالباً ما نراهم غير متحللين من الالتزام بالنظام.. خذوا مثلاً العناصر التي تعمل في نقاط التفتيش (السيطرات).. في الأعم الأغلب نراهم متجمعين "يسولفون" أو مشغولين بتلفوناتهم يجرون مكالمات أو يكتبون رسائل. في الماضي ما كنّا نرى الجندي أو الشرطي يدخّن أثناء الواجب.
في تلك الحقبة أيضاً كان لمعلم الابتدائية ومدرّس المتوسطة والاعدادية واستاذ الجامعة هيبة تبز هيبة السياسيين والعسكريين، بيد انهم اليوم في حال مناقضة تماما للحال التي قال فيها الشاعر "قم للمعلم وفّه التبجيلا...". والحق في ذلك على الأغلبية من المعلمين والمدرسين الذين تراجعت مستوياتهم التعليمية والعلمية فتردّت مرتبتهم في السلم الاجتماعي.
البرلمان والحكومة مسؤولان على نحو مباشر عن إعادة الاعتبار للمهنة العسكرية والأمنية والمهنة التعليمية وسواهما من المهن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram