فنّ القيادة في جميع مفاصل الحياة يبدأ من العائلة ويتفرّع في بقية مؤسسات الدولة، يتمثل بفرد ما أو جماعة، تكلف في مشروع ينبغي أن توفر له مستلزمات إدارية وفنية تحت إشراف خبرات متخصصة تطوّعهما لتحقيق هدف ما لخدمة الغاية التي من أجلها شرعت الجهود لتحقيقه.
واتحاد كرة القدم يُعد في مقدمة الاتحادات المركزية التي يحظى بمتابعة ومراقبة شريحة واسعة في المجتمع لما تعكسه أعماله ونتائجها من أصداء متباينة غالباً ما تسود فيها لغة النقد القاذع بين الجماهير التي تختلف مستويات ثقافاتهم بين فرد وآخر ، أما على مستوى الإعلام الرياضي فما انفك رجالاته من تقييم واقع عمل الاتحاد تحت شتى الظروف وفق معطيات واُسس تستمد المعلومة من بيانات الاتحاد نفسه او على لسان رئيسه او أعضائه ، لذلك بقي التعاطي مع انشطة الاتحاد يهتم بأخطائه أكثر من الخطوات الايجابية التي يخطوها هنا او هناك والتي تنال التقدير اللائق في الصحافة او التلفاز.
علـَّة اتحاد كرة القدم أنه يتبع المشكلة ولا يقودها من أجل ايجاد طريق ناجع لحلـِّها فلا غرابة من بقائها بشكل متفاقم ومعقد ، تورث أحقاداً وكُرهاً وردودَ أفعالٍ تُرقى الى الحدية والتخوين وتبادل الاتهامات بقسوة الأمر الذي يُسيئ الى سمعة الاتحاد ويُضعف شخصيته المعنوية امام الناس.
قضية المنتخب الوطني واحدة من القضايا الرئيسة في أجندة عمل اتحاد كرة القدم ، بل يمثل عاملاً في منحه ثقة الاستمرار في مسؤوليته ام الانقلاب ضده كما حصل في اتحادات وطنية دفعت ثمن إقصاء منتخبات بلادها من تصفيات المونديال مع ان اللعبة تحتمل الخسارة والفوز مثل أي حدث قدري ! لم يزل الاتحاد هزيلاً امام تحديات المنتخب بالإجراءات المتخذة حتى الآن لا تلبي الطموح بتاتاً بسبب تداخل الصلاحيات وتهميش شخصيات جديرة لأن تأخذ دورها واعطاء واجبات ادارية مثلاً للاعب دولي سابق لا يكفي انه يُجيد اللغة الانكليزية تلك الشماعة التي يشهرها أعضاء الاتحاد كالسيف كلما تساءل البعض عن سرّ التمسك بالمدير الاداري باسل كوركيس مع ان جميع العناوين القيادية في منظومة المنتخب تبدَّلت ووضعت خططاً جديدة للمرحلة المقبلة باستثناء تلك المهمة الادارية التي تحتاج الى تمرس وإدراك وجُرأة في اتخاذ القرار بعيداً عن التبعية لأوامر فلان او علان التي أوقعت كوركيس في حرج شديد وكلنا نتذكر أزمة الثقة بينه وبين المدرب السابق حكيم شاكر وكذلك ورطته في تسريب تسجيل صوتي للاعب سيف سلمان عبر قناة البغدادية وما نجم عنها من تفسيرات خاطئة وتّرت العلاقة بين اتحادنا وشقيقه السعودي، وغيرها من الوقائع التي لم يعرف له مخرجاً منها طوال مدة عمله خشية استبعاده وبالتالي لن يجد له عملاً آخر بعكس بقية زملائه الذين طوَّروا تجاربهم وخبراتهم في التدريب او قيادة الأندية او إلقاء المحاضرات في دورات تطويرية.
ولعلّ مسألة إبعاد المدافع علي عدنان مؤخراً من قائمة المنتخب الوطني هي واحدة من الأخطاء في عهدة كوركيس الذي حاول ان يقنع الإعلام بأنه غير مسؤول عن ذلك ، والحقيقة أن مسألة تأمين تأشيرة لاعب المنتخب هي من أهم مسؤولياته التي يجب ان يؤديها بالتزام كامل مهما كانت ظروف اللاعب لأنه يتوقف عليها مشاركته من عدمها، وهذا ما حصل لعدنان الذي وجد نفسه خارج التشكيل قبيل مواجهة اليابان بأسبوع واحد ، بينما موعد المباراة مثبت منذ أكثر من شهر وكان بالإمكان التحرك المبكر لإنجاز التأشيرة من قبل كوركيس وليس الاتصال قبل خمسة ايام من موعد مباراة زاخو ووضع اللاعب في مأزق لا يقوى على الخروج منه نتيجة قلة خبرته ، وهذا الأمر يجب ألا يتكرر مستقبلاً فالواجبات الادارية للمنتخب مناطة بكوركيس حصراً وأي تقصير فيها يتحمله وحده وليس اللاعب ، وبذلك خسرنا خدمات مدافع مهم امام منتخب تحسب له القارة الف حساب ويمكن أن يُشكِل دعامة كبيرة لتوليفة سلمان.
المسألة الثانية يتحملها رئيس اتحاد كرة القدم ومدرب المنتخب، فمع الاعتزاز الكبير بافتتاح ملعب زاخو الدولي لم يكن المنتخب الأول يستحق الإجهاد والترحال من بغداد الى أربيل الى زاخو ثم العودة الى أربيل وبعدها الى بغداد ومنها الى دبي ليمكث ساعات عدة بانتظار سيف سلمان وهمام طارق قبل ان يتوجه الى طوكيو، ناهيك عن الأضرار بمسابقة الدور النهائي للدوري الممتاز بتأجيل لقاء الشرطة ونفط الوسط الى يوم 16 حزيران الحالي، بينما مثل هكذا مناسبات يستعرض فيها الفريقان من أجل لقاء ودي لإمتاع الجمهور يمكن أن يُشارك المنتخب الأولمبي أو (نجوم الدوري) في مبادرة تتقاسم فيه الاندية جميعاً شرف المناسبة وتزيد من أواصر الروح الرياضية وتنقي الأجواء ، ويُترك المنتخب الاول يمضي وحداته باستقرار في بغداد ونجنّب اللاعبين الاصابات قبل مباراة اليابان ونقلل من الضغوط على اللاعبين التي كثيراً ما شكلت هاجساً لدى سلمان.
نتمنى أن تؤخذ القرارات الادارية بتروٍ وبُعد نظر لا يشوبه أي التباس لما سيترتب عليها من سلبيات نحن في غنى عنها ، وكلما انتظم العمل الاداري سيكون مردود نتائجه جيداً مع توأمه الفني ممثلاً بالملاك التدريبي ، وراجعوا خلاصات تجارب المدربين العاملين مع المنتخب وطنيين أم اجانب ستجدون شكواهم من سوء الأداء الإداري وتطفـُلِهِ على واجباتهم!
سوء إدارة المنتخب !
[post-views]
نشر في: 3 يونيو, 2015: 09:01 م