اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ريبورتاج: مقبرة "المقداد"... مقهى آخر لأبناء المدينة

ريبورتاج: مقبرة "المقداد"... مقهى آخر لأبناء المدينة

نشر في: 6 يونيو, 2015: 12:01 ص

هي واحدة من المدن التي تترك بصمة في ذاكرة من يزورها او يمر بها لما لها من سحر وجمال خاص فهي كأميرة تغفو على نهر ديالى، تحيطها البساتين والخضرة من كل حد وصوب، مدينة لها تاريخها وحضارتها واثارها الخاصة والتي تفخر بها وبشواهد التاريخ، تعدد اطيافها وديان

هي واحدة من المدن التي تترك بصمة في ذاكرة من يزورها او يمر بها لما لها من سحر وجمال خاص فهي كأميرة تغفو على نهر ديالى، تحيطها البساتين والخضرة من كل حد وصوب، مدينة لها تاريخها وحضارتها واثارها الخاصة والتي تفخر بها وبشواهد التاريخ، تعدد اطيافها ودياناتها وتنوع عشائرها اعطاها صبغة اخرى ، هي واحدة من مدن طريق الحرير، شهربان "المقدادية" المدينة التي تداعب ذاكرة الطفولة المدرسية بالسفرات الى صدورها، المكحلة بنهر ديالى والغابات والتلال وسد حمرين. موقعها الرابط بين الشمال والجنوب جعلها حلقة وصل مهمة، لذا كانت محل سكن لمختلف القوميات والطوائف والاديان. الذين ارتبطوا بعلاقات اجتماعية متينة.

 
تاريخ المدينة ونشوؤها
المقدادية او شهربان مدينة تفخر بتاريخها وحضارتها واثارها، وتعدد اطيافها وتنوع عشائرها، مدينة تغفو على نهر ديالى ولا تبتعد عن صدوره التي كانت بالامس ملتقى الناس وسفرات الطلبة وتلامس حدودها من المدينة اصبحت رسميا بمستوى ناحية عام 1920 ثم تحولت بارادة ملكية عام 1950 لتصبح قضاء باسم قضاء المقدادية . وجاءت تسميتها هذه المرة نسبة للامام ابى عبد الله الشيخ جمال الدين مقداد بن عبد الله ابن محمد بن الحسن بن محمد الاسدي المتوفى 826 هـ وليس كما يعتقد البعض ان تقسيمتها ترجع الى المقداد بن الاسود الكندي ، وهذا ما اكده العلامة المرحوم مصطفى جواد في كتابة الكبير المخطوط (اصول التاريخ والادب) ، بانه منتسب إلى الشيخ المقداد بن محمد بن الحسن بن يوسف الحسيني الرفاعي، أحد تلاميذ الامام السيد أحمد الرفاعي القطب الصوفي المعروف. يعرف المقداد محليا أي عند اهل المقدادية بـ "المجداد". حيث يضم اكبر مقبرة في المدينة، مع مقابر ومراقد ومزارات اخرى منهم مرقد الامام ويس القرني والامام محمد الصابر والامام مسافر ابن الامام الكاظم ومرقد السيدة رقية بنت الحسن, وفيها معالم اثارية مهمة وكثيرة منها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، تل هنديبة، تل سبع قناطر، تل وطفة، تل الدولاب, تل الزندان، تل بنت الامير، تل صخر, تل اليهود الذي كان مقبرة قامت السلطات البعثية بتجريفها منتصف الثمانينات بسبب بناء جامع حي المعلمين بجواره، تل جعار .
مقبرة المدينة 
بفعل الحروب والارهاب تعد المقبرة العلامة الأشهر الان في المدينة بعد ان كانت المقاهي والكازينوات هي الاشهر وعلى وجه الخصوص مقهى "حسن سفر" ومقهى "ابو غصوب"، وكازينو "الصنوبر" التي اتخذت من بيت احد اعيان شهربان مقرا لها. وبعد الحملة الايمانية الصدامية تحول البيت إلى مقر فرقة حزبية، لم يتبق منها شيء في اول ايام الاحتلال، ليعود بعد ذلك مقرا لحزب الاتحاد الكردستاني الذي تركه بعد سيطرة الجماعات الارهابية على القضاء. ليكون مصيره بالتالي ركاما متناثرا بفعل عبوات عدة.
مقبرة المقداد لا تختلف بشيء عن مقهى "حسن سفر"، او كازينو "الصنوبر"، فقد جمعت كل ابناء المدينة من شتى انتماءاتهم وطوائفهم وقومياتهم. لكنها كبقية اجزاء المدينة لم تسلم من الاذى والخراب. حيث فُجر مرقد المقداد، ودُمرت بعض القبور بفعل ذلك التفجير. وحسب قول الموظف في المزار ناجح عبد الحميد: ان الوقف الشيعي قام باعادة بناء وترميم المرقد وهو الان بحال افضل من السابق. 
المقبرة تضم جثامين كبار شخصيات المدينة التعليمية والطبية والعسكرية، مثلما تضم جثامين شهداء الحروب والارهاب الشباب والفتيان، ومنهم الشاب (علي صالح مهدي) الذي اغتيل في سوق المقدادية حين كانت تحت سطوة الجماعات الارهابية. يقول والده: انتظرته بعد ثماني بنات، ليكون كحل عيوننا، لكن الارهاب الاعمى سرقه مني بلحظة غدر، لم اكن اتصور ان علي سيرقد قرب عمه في المقبرة، التي لم تبعد عن سكننا كثيرا، وهو سبب اول بدفنه هناك كي يكون على مقربة منا ومن موتانا السابقين. لكن لم نكن نعلم بفراق قبره بسبب الارهاب. 
اما (علي حسين) مصلح الساعات الذي ورث المهنة عن المرحوم ابيه المدفون في المقبرة فيقول: منذ اربع سنين رحل بها والدي وجمع من اصدقائه، جمعتهم اماكن كثيرة في شهربان، منها بيوتنا التي لم تكن تعرف من اين هذا وذاك. علي الذي رحل الى اربيل، وجزء من عائلتهم في خانقين وما تبقى عاد الى شهربان ، مثلما يقول شقيقه الاصغر عامر "كلما ذهبت لزيارة قبر ابي امر على قبور اصدقائه ابناء المدينة واتذكر حكاياتهم وجلساتهم. مستذكرا ايام عاشوراء في التسعينات وكيف تكفل احد اصدقاء والدهم بجلب "الحطب" من بستانه كل عام، رغم انه لم يكن من الطائفة او القومية.
العيد والمقبرة 
لشهربان او المقدادية تقاليد خاصة في العيد منها زيارة القبور فجر اليوم الاول في العيد ، وتبادل التهاني والاماني بين اهل المدينة. ولمقبرة المقداد حصة كبيرة في العيد فهناك ما يعرف "بالفرجة" وفرجة المقداد هي صباح ثاني ايام العيد. فتتعدد اشكال وانواع الفرح/ والرقص / والدبكات. إلى حد هذه اللحظة لايوجد تفسير لسر هذه "الفرجة" واحتفالات الفرح والعيد بين القبور.

 

 

فاصلة:

بعد سقوط النظام وما رافقه من فوضى انتهت بتفشى الطائفية والارهاب في البلاد، وما جرى على شهربان واهلها من ويلات ومآسٍ لا حصر، ورغم كل عمليات التهجير والنزوح، لم يقم احد بنقل جثامين موتاهم الى مقابر اخرى. بالتالي ظلت المقبرة مقهى اخر لموتى المدينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram