انشغل بعض الإعلاميين، ، بقانون شبكة الإعلام العراقي الذي صوت عليه البرلمان مؤخرا. هاجمه البعض لأنه في صيغته الجديدة تحرر من هيمنة الحكومة، وبعضهم احتج على اعتماده تجربة الـ "بي بي سي" البريطانية لأنها تجربة "استعمارية بغيضة" كان قد رفضها شعبنا في ثورة العشرين! أما عامة العراقيين في صفحاتهم الاجتماعية فقد عاملوا القانون كما تعامل المسلمون والنصارى مع "حنون".
الإعلام الناجح عقل وابداع قبل ان يكون قانونا. والحديث عن ان القانون الجديد جعل اعلام الشبكة حرا لأنه خلصها من الحكومة و "زوجها" للجنة البرلمانية يكشف عن قصر نظر وعدم فهم بمعنى حرية الاعلام. ما هو الفرق بين الحكومة واللجنة البرلمانية؟ أليس كلاهما جاء عن طريق المحاصصة؟ من منهما تأسس بحسب الكفاءة؟ انها خوجة علي ملا علي إذن. مثل ذلك الذي خرج من الحفرة ليقع في القبر.
لو كان لدينا برلمان "حوك" لتساءل: هل فعلا نحن بحاجة لشبكة اعلام عراقي؟ الجواب سهل جدا. نحسب عدد السنوات التي مرت على عمر الشبكة والمبالغ التي استلمتها من المال العام والتي دخلتها من الاعلانات والمبيعات ثم نحسب:
-ما هو الدور الذي لعبته في محاربة الطائفية؟
-كم عدد المرات التي انحازت بها للشعب ضد الحكومة حين كانت الأخيرة تظلم الناس؟ على سبيل المثال وليس الحصر: كيف كان موقفها يوم اعتدت الحكومة بالسياط والرصاص على متظاهري ساحة التحرير السلميين؟ وما الذي فعلته يوم هاجم قوات السلطة الأمنية أربعة شباب اعلاميين لتشبعهم ضربا في مكان عام ثم اقتادهم للسجون وقد سلخت جلودهم من شدة التعذيب؟
قد يقول قائل اللجنة البرلمانية لهذا اتينا بقانون جديد ينحاز للإنسان لا للسلطة كما كان في زمن الاستبداد المالكي. خوش حجي وعلى راسي. لكن هل الإعلامي الجيد والحر ينتجه قانون ويتم اختياره وفق أصله المذهبي او العرقي او الحزبي؟ لا يكفيكم التمسح بحجة انكم اعتمدتم على خبرة الـ "بي بي سي" فتلك هيئة محترفة يُعدّ العاملون فيه اعدادا ولا يعينون تعيينا. لعلمكم يا سادة وسيدات اللجنة الثقافية ان الـ "بي بي سي" أسستها في البدء شركات خاصة وليس حكومة او برلمانا. ثم انها أسهمت في صنع الرأي العام العالمي وليس المحلي فقط. في عام 2007 وحده بلغ عدد متابعيها اكثر من 230 مليون شخص عدا البريطانيين. هل حسبتم عدد متابعي الشبكة العراقية عالميا؟
اكرر ان الاعلام المؤثر يحتاج عقلا وضميرا حرا وانسانا مثقفا لا يساوم على حريته من اجل منافع خاصة. وهذه المواصفات لا تصنعها حكومة ولا برلمان ولا لجان ولا قانون شبكة جديد او قديم. تصنعها دولة تحترم مؤسساتها وتضع كفاءة أبنائها فوق كل اعتبار. بي شوق ان اعود للموضوع مرة أخرى إن تركت لي مصائب العراق فرصة!
شبكة الإعلام العراقي .. هل نحتاج إليها؟
[post-views]
نشر في: 5 يونيو, 2015: 09:01 م