مناجيات مع كازانتاكي
13
كابد شعبك اليوناني حربا أهلية دموية بعد تحرير اليونان من الاحتلالين النازي الالماني والفاشي الايطالي ، لم تتوقف عن العمل والكتابة من أجل الخلاص وكنت تقول :
"الوضع مهول في اليونان وكذلك في فرنسا ، اعتقد ان الاضطرابات الانتقالية سوف تدوم مئتي سنة ابتداء من 1900سوف تتوصل الانسانية الى بعض التوازن في حدود 2100 ."
كنت يائسا جراء الحرب الاهلية ،وتنفجر بالبكاء وتصرخ "لا خلاص إلا بمعجزة ونحن لا أمل لدينا الآن بالمعجزات" ، مثلكم نأمل من فرط يأسنا ان تحدث المعجزة ونرى السلام بعد اكثر من قرن من الاضطرابات ، كنت تتساءل متى سترى دخان ايثاكا مرة أخرى؟؟
- أكنت تعني ذلك الدخان المبشر بالسلام ، دخان مواقد البيوت الهانئة الذي تشتبك معه رائحة الطعام والخبز الساخن الموحية بالاستقرار والشبع وهناءات السلام ؟؟
- نعم ، دخان المنازل هو راية سلام واطمئنان الى الحياة ، بينما بلادي اليونان كانت تمعن في الظلام وكنا نأمل خيرا في البريطانيين والاميركان ، لكن خاب رجاؤنا، فالاميركان خلطوا ولازالوا يخلطون بين الروح والدولار ، وارتكبوا اخطاء جسيمة في اليونان ..
- ألم يتضح لكم طريق محدد للنجاة والخلاص؟
- كان طريق الخلاص واضحا لشعبي وكان الجميع يرومون المضي في هذا الطريق لكن الاخرين من داخل اليونان وخارجها كانوا يعرقلون ارادة السلام ، لقد كان حظ شعبي مأساويا دوما ، فلنأمل لعل هذه الآلام الفظيعة تساعده على النهوض وتقوي روحه ..
- أحببت اليونان على نحو موجع واردت العودة اليه لكنك بلا جواز سفر ، ألم تهناّ بالعيش في باريس ؟؟
- أبدا ، بل كنت أختنق ، أنا اتوق لتربة اليونان وكريت ، البقاء في الخارج حكم بالعذاب وهنا في باريس لم اكن أجد حتى القوت ، اتطلع للعودة الى جزيرة ايجين ، لكن كيف سأعيش ؟ اشعر بالخزي ، خزي اليونان كلها.
- تكتب الى صديقك الكريتي بريفلاكي وقد أهدى اليك كتابه ( الكريتي) ان الاهداء كان تشريفا كبيرا ، وتعقب : لقد كافحت طوال حياتي ومازلت أكافح كي لا ادع روحي تذوي وتموت ، أعرف كيف يغدو الكائن الفاني خالدا، وهذا هو أكبر عذاباتي ، إذ لايكفي المرء معرفة ذلك بل يتوجب عليه أن يكونه..
- برأيك كيف السبيل الى تلك الكينونة الطموحة؟
- لقد تمثل جهدي خلال سنواتي العشرين الأخيرة ، في قهر الوهم والأمل دونما احساس بالخوف ،أن اواجه الهاوية دون بكاء أو تضرع او تهديد ، بل بنوع من الطمأنينة والهدوء، ان أرى الهاوية فاغرة أمامي وان اعمل كما لوكنت خالدا.
- شعورك الانساني الكوني لم يدعك تقصر اهتمامك بشؤون بلادك فلم تتوقف عن الاهتمام بالبشرية جمعاء .
- من يقصر اهتمامه ببيته والقرية تحترق سيصله الحريق ، لقد صدمني اغتيال غاندي وملأ السم قلبي وروحي ، أحسست ان العالم يتضاءل ، اربع رصاصات أصابت الضمير الكوني بجرح بليغ ،في عالم لااخلاقي مادي ومفترس كعالمنا يقتل نبي اللاعنف بعنف مفرط، لقد اطلقت القوى الظلامية هؤلاء القتلة الجبابرة العميان وصار كل جهد من اجل السلام واللاعنف يهيج جنونهم ..
- لطالما كنت تنعى على شعبك الشقاق الدائم وتأمل بقيامة روحية لليونان
- أجل كان أملي المكتوم دوما أن تولد اعمال روحية عظيمة من الدم والرماد والدموع بعد كل حرب دموية.
يتبع