بغداد / المدى
تزايدت خلال الفترة الأخيرة حوادث القتل بين الأقارب، وتحولت هذه الحوادث إلى ظاهرة تدق ناقوس الخطر.
يرى البعض بأن جرائم القتل بين الأقارب، لا ينبغي النظر إليها على أنها حالات فردية، مطالبين بالوقوف أمامها ودراسة أسبابها ودوافعها من أجل
ازدحم المدعوين والاقارب والاصدقاء في بيت الحاج (ف) الذين حضروا خصيصا من كل مكان لتهنئته بزفاف ابنه الاكبر (ي) وامتلأ الزقاق بالمدعوين ولم يعد هناك موضع لقدم... وتعالت الهلاهل من النسوة واقارب العريس عند وصول العريس الذي اخذ يتلقى التهاني والتبريكات من الاهل والجيران والاقارب وعاشت اسرة الحاج (ف) ليلة من اسعد لياليها وظل الجميع يتحدثون عن الفرح لفترة طويلة... لم يمكث (ي) مع عروسته طويلا فبعد اسبوع اضطر بعدها للذهاب الى عمله مع والده الذي يعمل في البناء والمقاولات وهي مهنة شاقة ولكنه اعتاد عليها وعلى متاعبها... وكان يعود كل مساء الى بيته وهو فرحان وسعيد في العمل مع والده والحصول على مورد مالي يكفيه له ولغائلته الجديدة... كان (ي) يقيم مع والده وزوجته واشقائه في غرف كثيرة يضمها بيت والده في مدينة الصدر... وعلى مقربة منهم وفي زقاق اخر يقيم اشقاء الاب وشقيقاته كانت علاقة الحاج (ف) باخوته جيدة ولم تكن هناك آية مشكلات وخلافات بينهم الى ان بدأت الشرارة الاولى بمشادة كلامية حادة بين ابنه (ي) وعمته (هـ) بسبب رفضه الزواج من ابنتها التي خرجت عن جادة الصواب بعلاقات غير منضبطة... واكد (ي) لعمته انه لم يتزوج من ابنتها حتى لو بقي من العمر ساعة... وان هذا الموضوع يجب ان يغلق لانه اختار عروسته وسوف يتزوجها بعد ان وافقت اسرته على تلك الفتاة... ولكن عمته احتدت عليه وعلا صوتها ووجهت له وابلا من الشتائم والكلمات البذيئة... فاضطر للرد عليه وضربها ثم طردها من البيت! اسرعت العمة (هـ) وهي في قمة غضبها لتشكوا الى اشقائها ما حدث مع (ي) فاتفقوا جميعا على تأديبه وجعله عبرة للعشيرة... فتوجه اعمامه الاربعة برفقة شقيقتهم واحد الجيران الى منزل شقيقهم الاكبر الحاج (ف) ولكنهم لم يجدوا (ي) الذي كان موجودا في عمله وقاموا بتهديد شقيقهم واجباره على ترك منزلة مع زوجته واولاده والقو باثاث البيت في الشارع وكسروا ما بقى من اجهزة كهربائية واثاث وتوعدوا بالانتقام من ابنه عندما تقع اعينهم عليه... ولم يستطع شقيقهم الاكبر الحاج (ف) من تهدئتهم وازالة الغل الذي ملأ صدورهم ضد ابنه (ي) وبات الموقف يشير الى ان هناك جريمة في الافق ستقع بين لحظة واخرى... ولكن لم يكن احد يتوقع ان تكون الجريمة بهذه البشاعة والقسوة؟ في المساء عاد (ي) الى بيته منهكا من عمله الشاق... لا يكاد يرى امامه من شدة الارهاق... وعند وصوله الى بيته فوجئ بوالدته واشقائه يجلسون في الشارع وعلى الرصيف وعندما سألهم عن سبب جلوسهم في الشارع بهذا الشكل اخبروه بان اعمامه حضروا وهم في قمة الغضب وطردوهم من البيت واغلقوا الباب وانصرفوا وتوعدوهم بالقتل اذا دخل احدهم البيت مرة ثانية... لم يعر (ي) تهديدات اعمامه أي اهتمام واصطحب والدته وزوجته وشقيقته وادخلهم البيت وقال لهم (انا بانتظارهم... لن اعيش وارى امي وابي يطردون الى الشارع... وسوف يرون) وصعد بعد ذلك الى غرفته التي تقع في الطابق الثاني ليأخذ قسط من الراحة بعد عناء يوم طويل وشاق... ودعوات امه ترن في اذنيه وهي تدعو له بالصحة وطول العمر باعتباره درعهم الواقي وسندهم الوحيد في الحياة خاصة بعد كبر سن والدهم وضعف قوته امام اشقائه والذي يعرفهم بانهم اشرار وقتلة... وصل الخبر الى اعمام (ي) الذين علموا بما فعله وادخل والدته واخوته الى البيت... فاستشاطوا غضبا وشعروا بالاهانة وانه يتحداهم بما فعله... وقرروا قتله على الفور حتى يكون عبرة لجميع اهالي المنطقة والاقارب الذين يخشون بطشهم ويتقون شرهم... تجمعت كتيبة الاعدام التي ضمت الاعمام الاربعة والعمه الوحيدة واحد الاصدقاء وتوجهوا جميعا الى بيت شقيقهم الاكبر الحاج (ف) والشرر يتطاير من اعينهم! شاهدهم جميع سكان الزقاق وهم يسيرون في طريقهم متجهين الى اليبت... ولكن احداً لم يجرؤ على اعتراض طريقهم او حتى تهدئة ثورتهم... واقتحموا المنزل في صياح وسب وشتم وتحطيم الاثاث وكل ما في طريقهم... اسرعت الام والابنة الصغرى بالاختباء في احدى الغرف بينما صعدت اخت (ي) الكبرى الى الطابق الثاني للاحتماء بشقيقها (ي) الذي فتحت الباب عليه وهو نصف نائم... وقبل ان يستوعب الموقف فوجئ بطرقات عنيفة على الباب ثم سقط الباب عليه تحت تأثير الضربات التي انهالت عليه... واقتحم الاعمام الغرفة وانهالوا ضربا وركلا على (ي) ثم اقتادوه الى الاسفل... وحاولت شقيقته نجدة اخوها الا ان عمها اخرج سكينا وهددها به... واسرعت لانقاذ شقيقها بالوقوف امامه... ولكن عينيها وقعت على ابشع مشهد يمكن ان تراه في حياتها... وجدت اعمامها ينهالون عليه بالسكاكين والقامات في مختلف انحاء جسده وتفجرت الدماء غزيرة لتملأ المكان... القت بنفسها فوقة لتحميه فاصابتها بعض الطعنات وشاهدت عمها الاكبر يخرج مسدس ويصوبه على رأس شقيقها وهو يقول (انت... تكسر كلامنا... ابن العار... واطلق طلقة واحدة استقرت في رأس (ي) وقضت عليه) ثم غادروا البيت بعد ان انجزوا مهمتهم الدموية... تلقت شرطة النجدة اخبار بحدوث اطلاق نار ومشاجرة من احد المواطنين القريبين من الحادث فاسرعت ونقلت (ي) الى اقرب مستشفى واخبرت الشرطة المحلية بذلك... تحركت الشرطة بسرعة وتم القبض على ثلاثة من اعمام القتيل والمتهمين بارتكاب الجريمة بينما تمكن العم الرابع وشقيقته من الهرب... تم تشريح جثة (ي) من قبل دائرة الطب العدلي فوجدت انه مصاب بعدة طعنات في مناطق متفرقة من جسده وطلق ناري في الرأس وتوفي قبل وصوله الى المستشفى! رجال الشرطة القوا القبض على ثلاثة من المتهمين وما زال البقية هاربين وهؤلاء يتصلون بـ(هـ) ويرسلون لها رسائل التهديد والوعيد بأنها تلقى نفس المصير اذا لم تغير إفادتها لانها الشاهده الوحيدة على مقتل شقيقها (ي)... العشيرة تحركت للفصل وأرسلت من يقوم بهذه المهمة ولكن الاب رفض ذلك وأصر على محاكمه أشقائه وإعدامهم لقاء ما قاموا به من جريمة شنيعة تجاه ابنه الأكبر!