قبل أيام أحتج اتحاد الأدباء ببيان وقعه الناقد فاضل ثامر على رفض السلطات الأردنية منح ثلاثة من أعضائه تأشيرة لدخول الأردن، ومن ثم العبور منها صوب المغرب للمشاركة في أعمال المكتب الدائم لاتحاد الكتاب العرب. الحق مع اتحاد كتابنا في ان يتألم ويحتج ويحزن أيضا. لكن الذي استوقفني هو استغراب الاتحاد من هذا التصرف الذي لا اعتقد ان عراقيا واحدا نوى أو حاول السفر لم ينشلع قلبه بالحصول على تأشيرة سفر لأي دولة في الكون. وان حصل عليها يظل عرضة للتمحيص والتدقيق وحتى التشكيك خاصة في البلدان العربية. فما الجديد إذن؟
وجدتني محتارا أمام وصف الاتحاد لهذا التصرف بأنه "يتعارض ومبادئ حقوق الإنسان والحرية الفكرية وحق التنقل للمواطنين العرب داخل وطنهم العربي"! أأضحك أم الطم؟ أهناك وطن يتنقل به العربي بحرية ونحن لا نعرفه؟ الذي اعرفه يا اتحادنا الكريم ان ثلاثة ارباع العرب لا يمتلكون حتى حق التنقل بحرية داخل وطنهم "الصغير" وليس "الكبير". أنشيد قومي هذا أم بيان احتجاج؟
الأمر الأهم الذي يعاتب عليه الاتحاد هو الربط بين الإجراءات الأمنية والأدبية. تأشيرات الدخول يا حضرة الادباء يوقعها شرطي أحيانا او ضابط أمن او وكيل مخابرات؟ فما علاقة هؤلاء بالادب والثقافة؟ شروط منح التأشيرات لا تخضع للعمل الإبداعي في أي بلد وليس عند العرب فقط. انها تخضع لاعتبارات سياسية وامنية في مقدمتها طبيعة العلاقة بين دولة حامل الجواز والدولة التي ينوي دخولها.
وان كنتم قد نسيتم اذكركم: المواطن الذي لا تحترمه حكومته لا يتوقع احتراما من الدول الأخرى. العلة بحكوماتنا يا عزيزنا فاضل ثامر. المحاصصة الطائفية التي بنيت عليها الحكومة تجعل كل عراقي "مشبوها" في نظر الآخرين. حتى العراقي الذي يحمل جواز دولة "كبرى" يسألونه عن أصل جنسيته الأم. فان قال انه عراقي تغيرت نظرة السائل. وقد يركن جوازه على جنب لإخضاعه للتفتيش الدقيق.
اما أغرب ما في البيان فهو دعوة "الجهات الرسمية والشعبية العراقية إلى ان تتحمل مسؤوليتها". أولا جهاتنا الرسمية لا تتحرك بالدعوات ولا بالدعاء. ان الاتحاد في هذا كطابخ الفأس الذي يأمل من الحديدة مرقا. ثم لا أدري ما المقصود بالـ "الجهات الشعبية". هل جمعية الشعراء الشعبيين مثلا؟ لقد حدد الاتحاد "الجهات الرسمية" بالأسماء لكنه لم يدلنا على اسم جهة شعبية واحدة يمكنها حل معضلة "الفيزا".
"فيزا" اتحاد الادباء
[post-views]
نشر في: 8 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
hazim
استاذنا الفاضل كلامك يدمي القلب,ولكن هذه هي الحقيقةوالتي يجب أن تقال فنحن الأن ننتمي الى دولة لايحكمها قانون ومواطنها موضع شك مهما حمل من مستمسكات ثبوتية فجواز السفر العراقي أسوأ جواز مقبولية من دول العالم.والطائفية جعلتنا متهمين بإتهامين أحدهما أسوأ من ا