TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "استثمار" البكاء في العراق

"استثمار" البكاء في العراق

نشر في: 9 يونيو, 2015: 09:01 م

يندر ان تجد حكمة في شعر المتنبي غير واقعية. يكفيه ان معظم ابياته الشعرية سارت بين الناس أمثالا يلوذون بها حين يلم بهم ما يصعب عليهم تفسيره. كم كان الرجل دقيقا في قوله:
بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد
هذا الشاعر العراقي كأنه قرأ طالع العراق. ها هي مصائب العراقيين لا تعد ولكم اترك حساب عدد الفوائد التي درت بها مصائبنا على الآخرين. شيحسبهن؟
مع ذلك لم يخطر ببالي ان مصيبة البكاء والدموع التي ابتلينا بها من زمن جدنا دموزي وجدتنا أنانا الى واقعة كربلاء مرورا بسقوط الموصل والرمادي وتكريت وجرائم سبايكر وسنجار، كان يمكننا استثمارها أيضا. هل خطر ببال احدكم ان البكاء ممكن ان يتحول الى مشروع فندقي مثلا؟ تفضلوا: "فندق ياباني يخصص غرفا للبكاء"! انها غرف مرتبة ومريحة ومزودة بكل مستلزمات البكاء. أفلام وحكايات وكتب و"جفافي" ناعمة خصصت للنساء. سعر الغرفة حوالي 100 دولار لليلة كعرض ترويجي خاص وقد يتضاعف كثيرا بعد انتهاء العرض.
من أولى بهذا الربح؟ العراقيون ام اليابانيون؟ وشلون فاتت هاي "الصفقة" على جماعة المنطقة الخضراء و"مختارها"؟ ربما يعود السبب الى انها المنطقة الوحيدة التي لا يعرف أهلها البكاء ولا الفواتح. أتحدى دول العالم مجتمعة ان جاءت ببلد تتساقط به الدموع أكثر من المطر مثل العراق.
ان بيوتنا كلها اليوم مشاريع لسكن مريح للبكاء بحسب ذهنية اليابانيين. وقطعا ستكون التكلفة عندنا اقل طبقا لقانون العرض والطلب. يمعودات وين رايحات لليابان؟ اقبلن هنا لتذقن طعم بكاء لا مثيل له في الدنيا والآخرة.
يا نساء العالم، ان لدينا كل ما تحتجن اليه من مستلزمات البكاء الحار والطازج ايضا: أفلام وقصص واغان لا تعد. تعالن فلديكن اخوات وامهات هنا سيعلمنكن بكاء مؤلما يجعل حتى الجار يشيل في ليلة سوداء.
لا تفكرن بالفلوس. فقط تعالن. نحن شعب يحب من يشاركه البكاء وسنشكره ونهديه ملابس مبللة بالدمع يأخذها معه ليشمها حين يحتاج خلوة مع نفسه للحزن. ليتكم يا اهل الغيرة تخلصون عراقية منها لانها حرمتها من النوم وظلت تندب:
يـا دمـع بيـش انّـــام بللت الهدوم
حزن اليموت سبوع حزن العدل دوم
ان استجبتم فسوف لا نحصركم بغرف ضيقة او بفنادق محددة كما فعل اليابانيون، انما ستجدون امامكم مدنا وقرى مفتوحة بكاملها ترحب بكم متى شئتم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram