يعاود أسود الرافدين اليوم بالظهور رسمياً للمرة الثالثة بصحبة المدير الفني أكرم سلمان في مبارياته الدولية الودية حيث يواجهون اصدقاءهم أبناء الساموراي في العاصمة طوكيو في مهمة يرومون منها مواصلة الاحتكاك القوي مع المنتخبات ذات التصنيف العالي في جدول (فيفا) الشهري وزيادة انصهار افكار الملاك التدريبي في الوعاء الفني لخليط اللاعبين المحليين والمحترفين بعدما تعذّر جمعهم سابقاً.
مطالعة ودية اليابان على الورق تفرض مراعاة جوانب عدة نظراً لأهمية المنتخب المضيِّف ووزنه الثقيل في القارة حيث يتصدّر لائحة ابطال كأس أمم آسيا بأربعة القاب ( 1992، 2000، 2004 و 2011 ) ولديه 11 محترفاً يشكلون دعامات أساسية في أندية انكلترا والمانيا وايطاليا فضلاً عن مدرب مجتهد أسهم في تأهيل منتخب ساحل العاج الى نهائيات مونديال 2010 ونقل منتخب الجزائر الى الدور 16 في مونديال البرازيل 2014، الأمر الذي يُحتِّم على سلمان والأسود التعامل مع ظروف المباراة بجدية كبيرة وعدم تهوين أية نتيجة بذريعة الفارق في الامكانيات أو محدودية الخيارات المتيسرة وضيق الفسحة الزمنية التي اتاحت للمدرب تشكيل المنتخب بعد التعاقد معه في منتصف آذار الماضي وعدم كفاية تجريب مستويات اللاعبين الحقيقية في وديتي الكونغو الديمقراطية.
ما يؤخذ على المدرب سلمان انزعاجه في أكثر من تصريح له بعد وصوله طوكيو انه برغم المصاعب التي واجهته سيحاول توليف مجموعة تتناسب مع طبيعة المباراة بعدما تعثّر في طريق تحضير المنتخب للتصفيات وتشكى من غياب المحترفين وحضورهم في وقت ربما لا يسعفهم في استعادة اللياقة البدنية برغم طمأنة مدرب اللياقة رودريغيز باستفادة اغلب اللاعبين من المعسكر الحالي، وحسناً فعل سلمان بتدارك تصريحاته التي اشعرتنا بنوبات اليأس من عدم جدوى ودية طوكيو إنه سيمنح المحليين ثقة كبيرة ليتمكن من الاعتماد عليهم مستقبلاً ليس لانهم أقل قيمة من نظرائهم المحترفين ، بل لإزالة هاجس وهمي من رؤوسهم بانهم لا يحظون بالاهتمام مثلما يتلقاه ميرام وقاسم وياسين وغيرهم، بدليل ان القائمة المعلنة مبدئياً لمباراة اليوم تضم 5 محليين مقابل 6 محترفين وهو توازن جيد أملته قناعة الملاك التدريبي بجاهزية كل لاعب وفق المركز وخطوة ناجحة اذا ما اردنا بناء منتخب وطني عماده المستوى الفني واللياقي للاعب وليس أسمه، ولنا في قرار البرازيلي زيكو بإبعاد اللاعبين المشهورين خير دليل على ذلك.
ان التغيير الستراتيجي الذي شهده المنتخب بقدوم المدرب أكرم سلمان لا نريده أن يقتصر على تحسين تصنيفه الدولي في لائحة (فيفا) الشهرية من خلال انتقاء منتخبات متقدمة في مراكز التصنيف وتعود النتيجة معها بالفائدة على موقعنا بين منتخبات القارة فحسب، بل بتطوير ثقافة اللعب التي لم تزل أسيرة الرهان على المهاجم فقط لحسم المباراة مع انه كفيل بذلك لكن لم نشاهد تحركاً دؤوباً لامتلاك المساحة والضغط في ملعب المنافس والرجوع بسرعة للتغطية.
هناك تقاعس واضح لبعض اللاعبين لابد من معالجته ومراقبته بانفسهم أولاً لأن ضعف أي منهم يؤدي الى خرق واضح يستغله الخصم لتهديد حارس مرمانا، وعليه من الضروري المحافظة على تجانس التشكيل والمناورة بالبدلاء في وقت الضرورة.
طريقة احتواء مقاتلي الساموراي التي يسعى سلمان لمباغتتهم بها ليس بالضرورة لتحجيم الدعم الجماهيري لهم لان مفاتيح مواجهة اليابان في أي مكان وزمان تستلزم تبني هذا الخيار مبكراً للحيلولة دون بسطهم النفوذ المهاري والتكتيكي وإلا فإن غزوهم دفاعاتنا لن يتوقف على مدار الشوطين ، مثلما يتوجب الاحتراس من عناد اليابانيين واصرارهم الثأر بأسلوب (لدغة العقرب) اذا ما استسلم منتخبنا في حالة تقدمه واستشعر بإحكامه السيطرة على النتيجة فلا أمان -هنا- للأصدقاء مطلقاً، وسبق ان وقع المدرب عدنان حمد ضحية عدم تقدير ذلك مرتين مع المنتخب الأردني يصلحان ليكونا درساً للكرة العربية ، حيث سجل اليابانيون هدف التعادل بالدقيقة 92 عن طريق يوشيدا في مستهل مباريات المجموعة الثانية في نهائيات آسيا بالدوحة 2011 برغم تقدم الأردن بهدف حسن عبدالفتاح بالدقيقة 44 بمساعدة قدم يوشيدا نفسه وكان أداء الاشقاء يُخلب الألباب ويشرّف العرب، ثم أقام الساموراي مهرجان اهداف بعد عام في مرمى الاردن بطوكيو ضمن تصفيات كأس العالم 2014 حيث انفتحت شهية الأزرق أمام كرم النشامى بصورة عجيبة!
سلمان ولدغة العقرب!
[post-views]
نشر في: 10 يونيو, 2015: 09:01 م