TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ولماذا تنتهي الحرب؟

ولماذا تنتهي الحرب؟

نشر في: 10 يونيو, 2015: 09:01 م

الحرب ستطول. هكذا يقول الاميركان، ويسببون لبعضنا احباطا. ولكن هل تعودنا على حروب قصيرة في الماضي، لنأمل هذه المرة بحرب قصيرة، وبنهاية للمشكلة الفادحة قبل بضعة اعوام؟
دوما كنا نبالغ في قياس ثرواتنا وحجم قوتنا وتماسك تحالفاتنا. وتحت الانفعال المتجذر، اصبحت هوايتنا استنساخ النكسات.
لقد ولدنا في الحرب وكبرنا وسط الحرب وبعضنا مات ولم تنته الحرب اياها. فلماذا نستغرب من حديث البنتاغون عن حرب طويلة؟
دع عنك البنتاغون، ولكن الم يصبح واضحا ان الحرب الطويلة هي نتيجة حماقة عميقة؟ وكيف تنتهي الحروب بينما نحن غارقون في حماقات بلا نهاية، حتى اننا بعد سنة من تقدم داعش قرب العاصمة، وبعد تضحيات الالاف من شبابنا، من كل انحاء البلاد واقاليمها، لم نحقق تقدما سياسيا يذكر، ولا نمتلك توضيحا لهذا الجمود السياسي المتعاظم! وكل انتكاسة سياسية هي خيانة لدماء الشباب المقاتلين. وكيف يقصر عمر الحروب اذا كنا نجافي الصراحة، ونتشاغل بسجالات بعيدة عن جوهر انقسامنا؟ وكيف يقصر عمر الحروب وشعبنا يتبادل الاتهامات بنحو غير مسبوق، ولا احد يقبل بطرف ينصف او يحل النزاع، او ينقل لنا تجربة ناجحة من هذه الدنيا التي تنهمك بتخفيف صراعاتها كي تتفرغ للبناء، ونحن غير ابهين بكل هذا الخراب الذي يتسع، وبكل هذه الدماء التي تسيل، اذ نقف عند حافة النواح والبكاء، ولا نمنح للحكمة دورا ولا نقيم لها اعتبارا، فيتحول الوطن الى عراك قبيلتين، لا قواعد اشتباك تبرر اندلاعه، ولا صيغة معقولة تفرض نهاية له. ثم نسأل كالمتغافل: لماذا سيطول امد الحرب؟
ان في وسع المحبطين ان يرددوا، انه لم يعد لديهم فرق كبير بين ان تستمر الحروب او تتوقف. اذ لم يعد العراقي يعرف شيئا سوى انتظار النزاعات الدموية، حتى في هدنة قصيرة بين حربين. ولو عاد الموتى القدماء اليوم لوجدوا ان حكاية العراق لا تتعلق ببدء وانتهاء للحروب، بل بتعمق معانيها وتفاقم حدتها. اساسا لم نعد نعرف من معنا ومن ضدنا، بينما في حروب كثيرة مرت كان في وسع المرء ان يضع تعريفا اوليا على الاقل، لحدود الخصومة ونوعها وممثليها. لكننا اليوم صرنا في عماء رهيب. حتى ان نظامنا السياسي يدعو اهل المناطق الساخنة لمساندة الجيش، وحين يفعلون ذلك وينخرطون في الصحوات والشرطة، يجدون انفسهم فجأة بلا جيش اثر انسحابات تعبوية وتكتيكية، فلمن يقدمون المساندة؟ وحين ينزحون باتجاه العاصمة، يحتجزون عند معبر بزيبز الشهير، مع اطفالهم ونسائهم، تحيطهم اصوات الشماتة! وهل من كوميديا سوداء ابشع من هذه المفارقات، التي تسد شهية المرء للحديث عن صلح ممكن، او نهايات معقولة للصراع؟
وما جدوى ان تنتهي الحرب، اذا بقيت ارادتنا السياسية مرتهنة بنافذين ناقصي الحكمة، لا يقيمون وزنا لقواعد الحياة الحديثة، ويفهمون السياسة كعراك بين قبيلتين؟ وما جدوى سلام لن يكون سوى هدنة قصيرة، ريثما يشحذ المتحمسون المنفعلون، سيوفهم، ويستكملوا سخريتهم من كل دعوات التعقل والتوازن؟
ان العراق بلد مهم وكبير ولا شك، ومثله لا يمتلك سوى خيارين: ان يكون حاذقا حذرا بصدر رحب، لحماية نفسه. او ان ينفعل ويصرخ ويتعجل، فيغطس في حروب بلا نهاية. وها قد بلغنا مرحلة لا نمتلك فيها حتى عدوا واضحا نقاتله كي نفاوضه غدا او نشكوه الى مجلس الامن. لقد ملت الدنيا من محاربتنا، وهي تتفرج علينا اليوم ونحن نقاتل الاشباح.
ان الحرب لن تنتهي دون مراجعة صريحة لاسباب الحمق. وهذا مشروط باعترافات كبيرة ومعلنة. وعدا ذلك فاننا سنبقى عالقين مع اشباح التاريخ دونما شفقة جادة من احد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    ان الحرب ضد شعب العراق بدات في 8شباط- 1963-------------------وان هده الحرب لاتنتهى الا ان يتفق السنه مع الشيعه او تجلب أمريكا 2000 طيارة حربيه على الأقل مثلما فعلت في ليبيا -فعند دلك ينتهى الداعش في اقل من أسبوع واحد------الرئيس حيدر العبادى يجب عليه نقل

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram