كان لابدّ أن يواجه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا (إسلامي إخواني)، وبالأخص زعيمه الحقيقي الرئيس رجب طيب أردوغان، موقفاً مذلّاً، من أجل المستقبل الديمقراطي لتركيا. وما من إذلال لحزب حاكم يفوق الخسارة في الانتخابات العامة ورفض الأحزاب الأخرى مشاركته في ائتلاف حكومي، فيما ظلّ وزعيمه يطمحان إلى فوز كاسح لتعديل الدستور وتغيير نظام الحكم.
لن يتمكن حزب أردوغان من تشكيل حكومة جديدة بمفرده كما كان يمنّي نفسه به ويسعى إليه، وقد لا يستطيع أيضاً تشكيل حكومة ائتلافية بقيادته، وهو ما يدعو إليه الآن أردوغان، فأحزاب المعارضة حازت على أغلبية مقاعد البرلمان، وفي مقدورها، نظرياً، تشكيل الحكومة الجديدة بمعزل عن حزب العدالة والتنمية، وهي جميعاً أظهرت عدم الرغبة في ائتلاف حكومي مع حزب أردوغان، لكنّ هذا الخيار تواجهه عقبة كبيرة تتعلق بدور الحزب الجديد الذي سطع نجمه للتوّ على نحو غير متوقع، في هذه الحكومة، فحزب الشعوب الديمقراطي الذي يوصف بانه واجهة للحركة السياسية الكردية، وبالذات حزب العمال الكردستاني(PKK)، لا يلقى قبولاً كشريك في الحكومة الجديدة من جانب حزب الحركة القومية المتشدد قومياً. ومن دون حزب الشعوب لن يكون حزب الشعب الجمهوري، الحائز على الترتيب الثاني في قائمة الأحزاب الفائزة في الانتخابات، قادراً على تأليف الحكومة مع حزب الحركة القومية.
حيال هذه المعضلة يبدو ان الخيار الأنسب هو تشكيل حكومة رباعية تتمثل فيها الأحزاب كلها، فاستبعاد حزب الشعوب الديمقراطي لن يكون في صالح التسريع في عملية ترسيخ السلم الأهلي في البلاد ومواجهة الأوضاع المنذرة بالخطر في الإقليم حيث الحرب الأهلية الناشبة منذ سنوات في سوريا والحرب الدائرة بين الدولة العراقية وتنظيم داعش الإرهابي.
وربما كان خيار الحكومة الائتلافية الرباعية مرغوباً فيه أيضاً لضمان ألا يندفع حزب العدالة والتنمية أو مجموعات منه، تحت وطأة الشعور بالإذلال والنبذ، إذا ما أُستبعد من تشكيلة الحكومة الجديدة، إلى طريق العنف، وحتى الإرهاب، كما حصل مع حزب الإخوان المسلمين في مصر.. هذا احتمال لا يتعيّن استبعاده في أي حال، فلا شكّ في ان حكومة التنمية والعدالة لم تتوان عن تقديم التسهيلات اللوجستية لمختلف القوى المسلحة العاملة الآن في سوريا، وشمل ذلك تنظيم داعش الذي تواصل الدولة التركية حتى اليوم تقديم هذه التسهيلات له. وعليه لا يوجد ضمان بألا يتحوّل حزب العدالة والتنمية، إذا ما انتقل الى المعارضة، أو قطاعات منه يمكن أن تنشقّ، الى حركة عنفية، وإرهابية، تسعى لاستعادة السلطة بالقوة المسلحة كما يفعل إخوان مصر.
كان من اللازم إذلال أردوغان وحزبه، لفرملة اندفاعهما نحو الدكتاتورية التي كان من الواضح انها شكّلت حلماً وأملاً لدى أردوغان على نحو خاص، ولقد تحقق الإذلال بالتراجع الكبير في شعبية حزب العدالة والتنمية، وهذه جرعة تكفي إرتباطاً بالظروف الداخلية لتركيا وظروف الإقليم.
جرعة كافية لإذلال إخوان تركيا
[post-views]
نشر في: 12 يونيو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
كنت أتمنى ان تبقى مواضيعك بالشاْن العراقي ولا تخرج خارج حدود الوطن لأننا مثقلين بالمصائب والفواجع على الأقل في بعض المواضيع نشعر بمواساتنا عن تلك الكوارث التي حلت بنا هل نسيت يااستاذ عدنان ام المصائب مجزرة سبايكر والذي وقفنا امامها عاجزين دون الإشارة ال