نهاية عقد التسعينات ، وبعد اعلان انتهاء الحرب العراقية الايرانية بسنوات وتطبيع العلاقات بشكل نسبي بين البلدين ، واثناء انعقاد مؤتمر المربد الشعري صعد الى منصة قاعة ابن النديم في مبنى دار الكتب والوثائق الواقعة في منطقة باب المعظم احد فحول الشعر من دولة موريتانيا الشقيقة بزيه الشعبي المعروف ، وقال مخاطبا جمهور الحاضرين : الى "مغاتلي" الخفاجية ، يقصد المقاتلين ، فاثار عاصفة من الضحك ، لوصول الجمهور الى قناعة اكيدة بان الشاعر الفحل، يعاني انقطاع البث والاتصال لمتابعة الاحداث والمستجدات في الساحة الاقليمية فتصور ان الحرب بين البلدين مازالت مستمرة ، احد المشرفين على تنظيم القراءات الشعرية حاول فرض سيطرته على الموقف ، فصرخ باعلى صوته قائلا : "ياجماعة الشاعر يقصد مقاتلي الخفجي المدينة السعودية" ، فعلت عاصفة اخرى من الضحك سرعان ما اختفت ، بصعود مسؤول الى المنصة ليحث الشاعر على إلقاء قصيدته العصماء المعبرة عن مشاعر صادقة تجسد تضامن الشعب الموريتاني الشقيق مع العراق قيادة وشعبا وتمنياته بدحر الحصار الاقتصادي الجائر، ونجاح المشروع النهضوي .
اعتاد المسؤولون العراقيون انتهاج تقليد ثابت في استعارة صوت الآخر ، اجنبيا كان أم عربيا للدفاع عن القضايا المحلية . في سنوات حرب الخليج الاولى كانت بغداد تستقبل وتودع اسبوعيا عشرات الوفود من اعلاميين وكتاب ومطربين يعودون الى بلدانهم بالعطايا والهدايا ، تحفز زملاءهم الاخرين على زيارة العاصمة العراقية لاعلان التضامن والتأييد ثم العودة بالمقسوم . بعد غزو الكويت توجهت بوصلة المنتفعين من مصائب الامة الى عواصم خليجية ، للحصول على العملة الصعبة من الامراء والشيوخ ، فماعادت الدنانير العراقية المطبوعة محليا تفي بالغرض ، الا لمن حصل على كابونات النفط واستخدمها لكسر حواجز الحصار الجائر المفروض على العراقيين نتيجة حماقات القيادة الحكيمة .
قبل الغزو الاميركي للعراق باشهر قليلة زار وفد فني عراقي القاهرة للمشاركة في مهرجان مسرحي ، احد الممثلين المصريين المعروفين ، التقى رئيس الوفد وقدم له سيناريو فلم تسجيلي يتناول معاناة اطفال العراق في زمن الحصار ، وابدى الممثل استعداده للسفر الى بغداد مع فريق العمل لانجاز الفيلم بعد الحصول على التمويل المالي من الجهة الرسمية ، في طريق العودة الى بغداد رمى رئيس الوفد السيناريو في مكب للنفايات بمركز طريبيل الحدودي وقال بصوت سمعه الجميع ( كافي نصير قشامر ) .
اهداء قصيدة الشاعر الموريتاني الى "مغاتلي" الخفاجية ، هناك من يحرص على تكراره بمزاعم محاربة الارهاب ، وتوجيه رسالة الى الرأي العام العربي الدولي للتعرف على جرائم انتهاك حقوق الانسان في العراق بالطريقة القديمة ، الاستعانة بجهود الاشقاء والاصدقاء للدفاع عن قضايا محلية في مقدمتها مجزرة سبايكر، على آلام ذوي الضحايا هناك من يحرص على أن يجعل من المأساة وسيلة لتحقيق مكاسب حزبية وشخصية ، وعلى حزني يفرحون .
سبايكر:على حزني يفرحون
[post-views]
نشر في: 17 يونيو, 2015: 09:01 م