TOP

جريدة المدى > عام > الحياة والحب فيها

الحياة والحب فيها

نشر في: 21 يونيو, 2015: 12:01 ص

5
 
العشق الصعبايتها العاشقةُ، ويا أنا العاشقُ، الحبُّ الذي اضاءَ فلواتِنا،أرانا الحياةَ. حياتَنا التي لم ننتبه لها.وتلك التي لم تزدهر أحيتْ جفافَها القبلاتُ التي رسمناها.ليس للناس، ولا لنا، طريقٌ ناعمٌ للعيش.كل الطرق احتلتها من قبْلُ الكراهات

5

 

العشق الصعب
ايتها العاشقةُ، ويا أنا العاشقُ، الحبُّ الذي اضاءَ فلواتِنا،
أرانا الحياةَ. حياتَنا التي لم ننتبه لها.
وتلك التي لم تزدهر أحيتْ جفافَها القبلاتُ التي رسمناها.
ليس للناس، ولا لنا، طريقٌ ناعمٌ للعيش.
كل الطرق احتلتها من قبْلُ الكراهات.
اما وقد تملّكنا عشقٌ صعب،
فسنواجه الكثير من العذابات الصعبة.
وطريقُنا الى اللقاء مهدَّدٌ كل يوم.
لكننا سنمتلك القدرةَ على العبور،
قدْرةً عجيبة لا ندري مصدرَها.
نلتقي ونتبادل الابتهاج برؤية الجمال الغائب،
برؤية انفسنا متحررةً. وانفتاح الافق على املاكنا المنسيّه.
في الغابة الحجرية وفي الزحامات التي تفيض بالبؤس على الحافات،
واجهَتْكِ لمعاناتُ الذهب وتلويحُ المرابين والعروضُ الجميلة للسقوط.
كنتُ اعرف ذلك، أراهُ، وأنا قلِقٌ خائفٌ: أكاد اصرخ: لا!
مضت سنواتٌ الرعب.
الحب كان يرتجف لكنكِ وصلت اليوم مشرقةً
ونظيفةً ولامعة لمعانَ الفجر الاول،
واعلنتِ لي انتصارَكِ على القناطر الصعبة.
كان لابد لجمالٍ مثل جمالكِ ان ينتصرعلى قبح العالم كلِّهِ!
انت واحدة ممن اضاءهم نورُ الله،
ممن تعتزّ بهم الحياة، تحبهم حدَّ الغيرة.
تملكين اللّمْحَةَ النافذة، الاكتشاف بنظرة والفعل الكامل بكلمة.
تملكين القدرةَ الفائقة على إشعال النار في ثلوج عالمي
وإثارةِ افكاري.
هي صفاتُك باسليلةَ الجبال البعيدة والنيران الاولى.
ايتها الواضحة في الزحام،
بعضُ ذلك الضبابِ فيك يا ذاتَ الهمسِ العذب
والاثارة القاتلة من لذة.
لقد ارتفعتِ حتى النظر اليك كما لأ عجوبة.
وجعلتِنا بحضورك نفرز الازمنةَ المُبْتَذلة
عن تلك التي باركها الاله، وعن اولائك الذين اقتبسوا جوهر الالهة.
معكِ، وجدتُ من استطيع معها، ان اصل الجرأةَ بالكرامة،
والكبرياء بالجمال السامي، والحياةَ النظيفةَ بابنائها.
وان نبدأ الانشادَ من اجل الابواب المضاءة
ومن اجل الحلمِ الذي يلوح والحياة الفاضلةِ التي حلمنا بها ومات في حبها
عشاق عظام كثيرون ربما كانوا أفضلَ الرجال واكثرهم صمتا،
حبهم مفاجأةٌ وشجاعتهم مفاجأةٌ ووقوفهم بوجه الريح عجيب!
الحياة تدِّخر للازمنة السيئة أمانات وتحتفظ دائماً بما يوقف الشر عند حده
وبمن يقول للبشر الضائعين في الغبار والمناقع:
هذا جمال ما يزال سالماً
هو لم يركب السفينة لكنه نجا من الطوفان،
للبهاء الالهي معجزات.
وفي كل الطرق المهجورة تمرُّ حياةٌ متخفية من الرداءات المعمرة،
لتوقظ السهول الجبلية بزهرات من نار،
وتزحزح الليل من مجاثمهِ الصخرية وتطرده وراء التلال.
ايتها التي أُحبُّ كلَّ الحبّ، بك، تصيرُ الارضُ جديدةً
ومن كلماتك القليلة، الحريرية الخافتة،
يشيعُ الحب في الشحوب والزهر الجبلي في البستان
وأنا تفرُّ روحي العطشى لترتوي
وتناديني لتظل في افيائك التي تهدأ فيها النجوم والحمام.
جمالُك جمالُ الحياة لا يُرى الا صدفةً،
وإلا حين تفتح الالهةُ النافذةَ من اعلى فتهلَّ البركات.
ايتها الملكة في الارض، وجهك اغتصب الملل
وأشاعَ في الطريق الذي تمرين فيه آمالاً،
وأضاء انتصاراً على النظام القاسي، على حرماننا،
على اللامبالاة و يباس الوجوه والطرق.
حين مررتِ، تذكر الزورقُ المهجورُ شراعهُ ولاح لـهُ الماءُ صافيا
يمتد حتى الافق:
وجهك ينشرُ بشرى للذين ينتظرون!

المدينة صادقت فقرَها
ممتلكاتُنا قليلة ومالُنا نزْرٌ وعيشنا كفاف
لكن مجدنا اننا نمدُّ ارواحَنا للناس، ونتصل بمباهجهم
وغيومِ نهاراتهم وشكاوى أرواحهم في الليل.
نصل تلك الاحزان ونمسُّها بالمعنى الجليل ونحاول، او نتمنى،
او ندعو الالهة والمبادئ والحرية
ان تحرّرَهم من منحنيات الخوف،
من اضراس القلق الرَحَوية التي تطحنهم في الليل والنهار.
وقد نخرج للشارع فَزِعين نشاركُ في اجتماعات الغاضبين
وتهامساتِ النقابيين الحَذِرَة ونتفّحصُ المنشورات الموزَّعة في الليل،
نبحث عما يزيح الترابَ الوقح والكلام المرَّ والنظراتِ المسامير
من أحداق يابسةٍ كالحصى في الوجوه الممسوحة الصُفْر بلون السم.
لو نستطيع نعوضهم، فقراءَ الليل، ليلِ الازقة الرطب،
بالفاكهة المقطوفة توّاً ونرمي الى الحُجَر المزدحمة
لُعَبَ اطفالٍ ملونات ودفاترَ مدرسية ورسوما جديدة.
وسواءٌ امتلكنا المفاتيحَ لفتح الابواب الصدئة وايقظنا الفجرَ المطفأَ،
او لم نجد ممرا يكفي عبر الرصاص والدروع،
تظل امنيتُنا مجيدةً وتظل الفصولُ اصدقاءنا وتظل هذه القبرة،
التي انطلقت صائحةً، رمز الابتهاج بالذوبان المفاجئ للثلوج
وهذه الشجرة انبثقت مثل فنار ضوئي مفاجأة صغيرة اخرى.
لن تسحبنا العزلةُ الى كهوفنا ولن تتمكن منا الضغينة.
نحن نجتاز المرايا المحطمة لنرى الله في وضوح النهار.
لماذا تبتسمين حين أرفع راسي عن السطور وانظر؟
تظنين انظرُ اليكِ؟ ظنٌ حسَنٌ وصحيح. استعجلُ البشرى!
وراء شفافية وجهكِ قصةُ حبٍّ كاملة
ورغبةٌ لاعلان العواطف في الفضاء الصحو،
ايضا، ساعة الكدر، للحزن على وجهكِ رِقَّةٌ لا تُضاهى.
حتى الحزن لا يريد ان يؤذيك...
كم اتمنى لك بيتاً هادئاً وجميلاً واناقةً فيها تَرَفٌ ملكي
ورِيّاً يجعلك تضحكين عاليا...
واتمنى ايضا
ان اظل قادرا على الكتابة عنكِ والعنايةِ بما تنشغلين عنه.
ايتها الجميلةُ، يافريدةَ الجمال وجديدَتهُ،
كم اكون سعيداً لو اراكِ كلَّ صباح.
انا احب الحياةَ وانتِ تحبينَها. اذن حبنا في الطريق الصحيح.
هل مازلنا على موعدنا؟
انكون غدا في الطريق الى حيث تبدأ أولُ القبلات
قبل الدخول الى المكان الدافئ،
معكِ مباهجكِ الضاحكة ومعي قصيدتي الجديدة؟
في واحد من بيوت ذلك الشارع، في احدى غرفهِ
امراةٌ تذرع الغرفةَ، تشغلُ نفسَها بشَعْرِها، الذي تعيد مواقَعُه،
وبصورة قديمةٍ لزفافها الذي لم يُعدْ له معنى،
وتقف مُحاوِلةً طردَ صورةٍ تلحُّ عليها منذ ايام.
واذ تغض النظرَ عنها، تعود تشعر بالحاجة لها، تدعوها لتظل!
الشارع مزدحمٌ بالعابرين مثل سحابةٍ مرقّعة
وعربات خضار وفاكهة باعتُها أيبَسَ وجوهَهم النهارُ والتوقّع
وتلك امرأة في الستين تغادر الصيدلية وهي تحسب ما تبقّى لديها.
والمرأة التي كانت في الغرفة مشغولة بشَعْرها ردَّتْ على مخابرة،
او هي بادرتْ، اراها تخرج من باب الدار كما على حذر،
ربما انهت تردّدَها وقررت إلغاءَ المسافة!
هنا، في هذه المدن المستباة، كل يريد ان ينتصر،
واحد على الخبز،اخر على الخوف، وثالث على الحرمان.
ناسٌ طيبون وحياةٌ خاضعة لعصابات الموت والنقود.
لكنها مدينتنا ونحبها رغم الخسارات.
هنا المدينة صادقت فقرَها.
والشوارع تبيع خرائبها ومواقعَ القبور لتكون بوتيكاتٍ نسوية
ومحلات عطور. والبيوت في الزواياتستضيف الصفقات الصغيرة:
بضاعات مزورة الماركات وعقاقير شعبية من باكستان و بخور
لطرد الشر.
وترى نساءَ عوائلٍ كاذباتِ التَرفِ، يدخلن من طرق جانبيه،
ثمة من ينتظرهن!
في هذه الطرقات اسمع احياناً تراتيل واحتدامَ جدل
عن زوال الشيوعية وانتصار الله.
وفي الزحام وجوهٌ ممرورة، انكمشت من الشرطة وافتقاد المال.
قبل غروب الشمس ياتي معلمون وشعراء
سئموا الحبَّ من الكتب واللاحبَّ في الحياة،
يشحذون اخبارَ العالم مثل مخاليق عالم اخر.
عيونهم جائعة الى ساق مكشوفة،
الى وجهٍ أطلَّ من اللفائف السود، قوتاً لليلة القادمة.
من بعد يكتبون خليطاً من بطلة فيلم قديم ومن هذه التي رأوها
وتلك التي يتمنّون.
فقرُنا صعبٌ، لكن احلامنا جميلةٌ ونحن طيبون!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram