بعد الحروب الشرسة على مساحة متر من الأرض - بين الأفراد والدول - ، هل سنشهد عما قريب حروبا طاحنة على جرعات ماء ؟؟ وهل سيشتري العراق جردلا من الماء الصالح للشرب بثمن برميل نفط او شحنة غاز ؟؟
يقينا .. لم تقم الحضارات العريقة على حفافي آبار نفط او غاز ، قامت الحضارات على متون وضفاف الأنهار ،، منابعها ومصباتها . هل من حاجة للتذكير بحضارة وادي الرافدين ووادي النيل وسهول السند والكنج ؟؟
……..
يعاني العراقيون اليوم — في معظم مدن العراق — من شحة واضحة في مياه الشرب ، او إنقطاعها في الصنابير ، او تلوث مياه الأنهار بما لا يجعل صلاحيتها للشرب آمنة.
محنة العراق الأزلية ، إن كل انهاره الرئيسة تنبع من خارج حدوده ، وحتى شط العرب تتشارك في مصبه آنهارا عديدة من خارج الحدود .. هذا القدر ( الحظ) جعل سياسات دول المنبع ، هي قطب الرحى فيما يجري في آنهارنا من مياه :: تتآزم العلاقة مع النظام السوري فيقطع شريان الفرات بقرار سياسي ، لتموت الأشجار وتنفق الدواب ويعاني الإنسان ،، وتتعثر العلاقة مع تركيا ، فتحجب الماء في السدود ، ويتوقف نبض دجلة ، وتتقطع العلاقة مع إيران ، فيتوقف نهر الكرخة عن التدفق نحو العراق ..
الأنهار انواع ، منها الدولي : الذي يقطع حدود آكثر من دولة واحدة ، كدجلة والفرات والنيل . ومنها الوطني وهي التي يكون منبعها ومصبها داخل حدود الوطن ، كنهر بردى في سوريا ، ونهر البارد في لبنان ، ونهر السين في فرنسا والتيمز في بريطانيا .
ملف المياه غير قابل للمساومة، لا يحسم شحة او قطع المياه عن انهار العراق غير حكومة منيعة قوية ذات سيادة ، تفرض سطوة القوانين والمعاهدات الدولية بين الدول المتشاطئة ، ووطيد علاقات حسن الجوار .
عدد الأنهار العابرة للحدود العراقية يبلغ ( ٢٥ ) نهرا ، آطولها نهر الكارون الذي يصب في شط العرب ، يليه نهر الوند الذي ينبع هو الآخر من إيران ويصب في نهر ديالى . وهناك نهر الطيب والكرخة وشط الأعمى .
ولآن ملف المياه — وهو ملف حياة او موت بلدان وشعوب —لا يمكن إخضاعه للنزوات وتقلبات السياسة او عواطف هذا الحاكم او ذاك ، نجد الأمر محسوما في معظم الدول المتشاطئة الغربية. ولم تعد المياه عاملا رئيسا في إثارة النزاع، فبين فرنسا والمانيا نهر الراين . والدانوب بين فرنسا وإنكلترا ، وتتشارك فرنسا وإيطاليا نهر رينو وروافده ، و…و،
كل تلك الدول تحكمها وتشكم طموحاتها بالتحكم والإستحواذ ، قوانين ومعاهدات دولية ، لا يمكن تجاوزها او إنتهاك حرماتها.
يبقى العطش العراقي وتلوث مياه الشرب ، جرحا نازفا في بلاد ما بين النهرين . فهل من سميع ، وهل من مجيب ؟؟