حروب العرب القديمة قبل الاسلام وبعده استخدموا الصوت وسيلة لرفع المعنويات في غزواتهم وفعاليات الكر والفر للحصول على الغنائم من ابل وخيول وسبايا ، كان شاعر القبيلة الغازية ، يتولى مهمة تأجيج حماسة المحاربين ، للقضاء على الاعداء وتحقيق النصر الناجز ثم العودة الى الديار غانمين مظفرين ، في نشوة الانتصار يتولى كبير القوم توزيع الغنائم بين الاشاوس على وفق القاعدة السائدة في ذلك الوقت باعتماد مكانة الفارس وما قدمه من خدمات جليلة في الدفاع عن شرف القبيلة ، فيحصل على بعيرين او اكثر مع سبية تضاف الى رصيده الاسري ، اما صاحب الصوت سواء كان شاعرا او خطيبا ، فله حصة من الغنائم لاتقل اهمية عن حصة الفارس المغوار .
المنطقة العربية تمتلك رصيدا كبيرا من " الظاهرة الصوتية " حتى اصبحت ماركة مسجلة باسماء حكام وقادة سياسيين ورجال دين ، ما ان يقف رئيس النظام خلف المنصة حتى يهدد الاعداء بحرب وشيكة ، يحذرهم من غضب العرب ، وتراثهم الثر في خوض الحروب والعودة منتصرين حاملين رؤوس قادة جيش العدو على الرماح ووضعهم في عجلات عسكرية مكشوفة تطوف في شوارع العاصمة قبل ايداعهم في زنزانات الاسر، ثم اخضاعهم لصفقة عقد اتفاقية وقف اطلاق النار بين البلدين ، ليزيدوا من كفة فرض شروط المنتصر على المندحر في الحرب ، في اغلب الاحيان تكون مجريات الاحداث عكس تمنيات رئيس النظام عاشق المنصة المعروف بخطبه النارية ، فكان صاحب الفخامة ظاهرة صوتية بامتياز ، منحت المنطقة العربية خصيصة ابادة العدو بالصوت ، فيما الوقائع على الارض تؤكد احتلال العدو المزيد من الاراضي ، الحروب العربية الاسرائيلية خلفت اعدادا كبيرة من القتلى والجرحى ، وعلى الرغم من ذلك لم تنحسر الظاهرة الصوتية ، فظلت السلاح المفضل في مواسم النكبات والازمات.
المذيع المصري احمد سعيد يعد بنظر المراقبين والمعنيين بالصراع العربي الاسرائلي صورة واضحة للظاهرة الصوتية حين اعلن انتصار الجيش المصري في حرب 1967 ونقل عبر اذاعة صوت العرب طبقا لموقع غوغل الالكتروني ، بيانات عسكرية مكذوبة منسوبة لمصادر عسكرية في الجيش المصري ، تخبر عن انتصار ساحق لمصر وعن إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية وذلك بناء على البيانات الصادرة عن الجيش والقيادة السياسية في الوقت الذي شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة ساحقة للجيش المصري من قبل الجيش الإسرائيلي فضلا عن تدمير الطائرات المصرية وهي على الأرض قبل أن تقلع من المدارج .
في حرب العراق ضد تنظيم داعش هناك من يحرص من القادة السياسيين والمسؤولين الامنيين على استخدام الصوت لابادة الاعداء ، زعيم سياسي يزف بشرى النصر في كل يوم ، وآخر يعقد في كل مساء ندوة للحديث عن ضرورة تكاتف ابناء الشعب والوقوف خلف القيادة الحكيمة لمواجهة الارهاب ، اصحاب نظرية اعتماد الصوت في محاربة الاعداء ، يريدون استثمار النصر لتحقيق مكاسب سياسية ، بمعنى آخر الحصول على "بعران " من مغانم الحرب .
بالصوت نبيدهم
[post-views]
نشر في: 22 يونيو, 2015: 09:01 م