ليس من السهل أن يحصل الشاب المتخرج على فرصة عمل فى القطاع الحكومي فى الوقت الحاضر بسبب الاوضاع غير الطبيعية التي تعيشها معظم المؤسسات الحكومية بعد أن وصلت التخمة الى حد غير معقول لمعدل العاملين فى القطاع الحكومي لتصل احياناً أن احدى الغرف
ليس من السهل أن يحصل الشاب المتخرج على فرصة عمل فى القطاع الحكومي فى الوقت الحاضر بسبب الاوضاع غير الطبيعية التي تعيشها معظم المؤسسات الحكومية بعد أن وصلت التخمة الى حد غير معقول لمعدل العاملين فى القطاع الحكومي لتصل احياناً أن احدى الغرف التي تستوعب اربعة موظفين، يشغلها قرابة عشرة يتناوبون بينهم لاستخدام الطاولات والحاسبات ان وجدت. هذة الحالة تركت فراغاً كبيراً للمعنيين فى القطاع الحكومي من اجل تطوير القدرات الذاتية للعاملين ممن تم تعيينهم حديثاً خصوصاً في المجالات العلمية الدقيقة مثل الاطباء والمهندسين والعاملين فى القطاع النفطي والكهرياء وغيرها من القطاعات الحيوية المهمة فى المجمتع . (المدى) اذ تستطلع آراء العديد من العاملين الجدد تدرك جيداً أن تطوير القدرات الذاتية للعاملين سيؤدى الى نتائج ايجابية للمجمتع وللمؤسسة نفسها.
70 ساعة بدل 40
(نور علي) خريج كلية الطب يوضح لـ (المدى) : ان طموحنا وأحلامنا في الحصول على هذا اللقب قد تحققت بالفعل وهذا يأتي نتيجة الجهد والدعم والرعاية التي وفرتها العائلة والاساتذة فى الكلية ومن أسهم فى الحصول على هذا اللقب العلمي، مشيرا الى اهمية تطوير القدرات وتنمية المهارات والتي يجب ان تبدا بعد مرحلة التعيين لاجل مواكبة التطور الحاصل فى المجال الطبي بمختلف الاختصاصات والذي تتسابق عليه بلدان العالم. داعيا الى تؤامة المستشفيات العراقية مع المستشفيات العربية والعالمية الكبرى لاجل تبادل الخبرات وتطوير وتنمية المهارات.
واضاف علي: لو تجاوزنا جميع هذه الأموروبدأنا نفكر فى تطوير قدراتنا ومهاراتنا ذاتيا وحسب امكانات كل واحد، سنصدم بساعات العمل والارهاق والتي تمتد قرابة 70 ساعة أسبوعيا، بينما المقررة 40 ساعة. مبينا ان هذا الامر مع الارهاق تكون نتائجه عكسية تصل إلى تدني مستوى الأداء إضافة إلى عدم وجود إمكانية للحضور في ندوات علمية أو التواصل مع الجديد من خلال المطالعة والاطلاع على ما هو جديد في عالم الطب .
المعايشة الميدانية
(مصطفي نزار) هو الاخر خريج كلية الطب من جامعة بغداد يشير الى أن هناك نظاما وتخطيطا لتطوير الكفاءة والمهارة في جميع الاختصاصات وتحديداً في المجال الطبي إذ تتم على أساسه دراسة وتوفير جميع المستلزمات. مبينا ان المؤتمرات العلمية والمعايشة الميدانية فى كبرى المستشفيات العالمية سيكون لها الاثر الطيب على المستوى العملي للطبيب اضافة الى التمرس بالمهنة ومعرفة التفاصيل الدقيقة ، مشيرا الى ان علهم في المستشفيات الحكومية بصفة مقيمين، يعيق تطوير قدراتهم بعض الشيء، بسب الجهد والوقت الذي يستنزفوه خاصة ان نسبة مراجعة المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية بارتفاع دائم.
برنامج التطوير
المتحدث الرسمي فى وزارة التخطيط (عبد الزهرة الهنداوي) بين لـ (المدى) أن برنامج تطوير القدرات الخاصة بموظفي الدولة معمول به ويشمل جميع الموظفين والدرجات الوظفية فى عموم وزارات الدولة ، وقد شارك المئات من الموظفين فى دورات داخل وخارج العراق وبمختلف الاختصاصات ولم يستثنِ أحدا بل كان الملاك الجديد هم ألاكثر مشاركة فى هذه البرامج اذ تحرص الحكومة على تطوير قدراتهم الوظيفية كونهم من سيتكفل بإدارة مؤسسات الدولة مستقبلا.
الهنداوي أوضح: أن برامج تطوير القدرات الادارية والفنية وبسبب الاوضاع الاقتصادية للبلد قد توقفت في الوقت الحالي وهناك العديد من المشاريع الخاصة بتطوير قدرات الموظفين قائمة فى عموم الوزارت.
سلّم الراتب
عضو مجلس النواب (حيدر الشمري) بيّن لـ (المدى) : أننا نؤمن بحقيقة أن تطوير القدرات للكوادر العاملة فى جميع الاختصاصات يؤدى الى نتائج إيجابية للمجتمع وهناك العديد من الدورات وورش العمل تقام على مدار الساعة داخل المؤسسات الحكومية ، وانا أرحب بفكرة صقل وتطوير قدرات الخريجين عموماً ولمختلف الاختصاصات . الشمري اشار الى أن تطوير القابليات لدى الفرد وتحسين المستوى المعيشي سيسهم بشكل فعال فى تقديم الافضل وأن هناك توجها من أجل توحيد سُلـَّم الرواتب الجديد الذي تعمل اللجان المكلفة به إلى إعطاء الحق لجميع أصحاب الكفاءات، فيما بيـَّن أن المرحلة الراهنة التي تعيشها البلاد تتطلب من الجميع بذل المزيد من الجهود.
تحمّل المسؤولية
سمير نائل (27 عاماً) ، خريج كلية الهندسة ، حصل على فرصة عمل فى العام الماضي فى قطاع الكهرباء يوضح ان جل ما يقوم به يوميا هو الجلوس ومشاهدة العمل. مضيفا: لم يبادر احد من القائمين على القسم بتكليفي فى مهمة ، وان تم تكليفي فيكون ذلك بصورة خجولة جداُ ولم يتم ايضاً ادخالي فى دورات تطويرية لغرض مواكبة التطور. مسؤولي الاداري يهمس فى اذني (سمير لا اريد أن احملك مسؤولية وانت جديد) والامر على هذا الحال منذ عام الى الان. مبينا انه يتقاضى راتبا معقولا، يكفي احتياجاته كونه أعزبا. مشيرا الى ان فكرة تطوير الكفاءة والمهارة لم يعد لها وجود في اغلب مؤسسات الدولة .
(فاتن فاروق) ، مهندسة فى وزارة الكهرباء ، هي الاخرى تشير الى أن الملاك القديم العامل فى الدوائر الحكومية يتعامل معهم على انهم (اغبياء) ،على حد وصف فاتن، ولاتتم اناطة أية مسؤولية لهم. مضيفة : كما لايتم اشراكنا في الاعمال الفنية والادارية وعدم اشراكنا في اية دورات تطويرية وغيرها من ورش العمل والندوات .فاتن طالبت المعنيين فى الوزرات والمؤسسات الحكومية بفسح المجال واعطاء الفرص للملاك الجديد بتولي المهام والمسؤوليات والمساعدة باعدادهم للمستقبل. كما دعت الى اهمية زجهم في دورات تطويرية متخصصة يشرف عليها المسؤولون فى الوزارة.
المنظمات الدولية
الدكتور (ظافر هاشم سلمان) أوضح أن تدريب الكوادر العلمية ولمختلف الاختصاصات امر مهم جداً. وبعد عام 2003 أسهمت المنظمات الدولية والمتمثلة بمنظمة اليونسيف واليونسكو والصحة العالمية والامم المتحدة بتدريب المئات من الكوادر العراقية ولمختلف المناصب والاختصاصات كما تم اشراك العديد من رجال القضاء فى تجارب دول العالم كذلك الاعلاميين والمهندسين الزراعيين وغيرهم من الاختصاصات المعروفة. مسترسلا: ان هذه البرامج حققت الفائدة المرجوة منها على مستوى الواقع الميداني فى البلاد من خلال الاستفادة من تجارب العالم.
واوضح سلمان: أن إمكانيات الدولة فى تدريب الكوادر المحلية في الوقت الحاضر محدود جداً كون هذه الورش والبرامج تحتاج الى مبالغ عالية جداً وهذا غير مطبق فى مجال تخصيص المبالغ مثلما يتعامل به حالياً في مجال البحوث. والسبب هو الازمة المالية التي يمر بها البلد.
الخبير الدكتور (محمد سلمان عبد الحسين) اشار الى أن تدريب الكوادر العراقية خصوصاً للوزارت الحكومية اخذ طابعاً تجارياً لاسيما ان العديد من الشركات المختصة فى مجال التدريب قد تعاقدت مع الجهة المنظمة والممولة لمشاريع التدريب وتفكر أولاً في البحث عن الاستفادة المالية للكوادر العاملة لها. مشيرا: الى أن دول الاردن وتركيا ولبنان ومصر كان لها الحظ ألاوفر فى تدريب الالوف من الكوادر العراقية العاملين فى المؤسسات الحكومية وقد استفاد البعض من المتدربين فى هذه البرامج واكتسب الخبرة لكن السؤال هو هل عمل هؤلاء فى مجال تخصصهم ام تم نقلهم الى وظيفة أخرى.
لا فائدة
زيد علي (موظف في احدى الهيئات المستقلة / المكتب الاعلامي) سبق له وان شارك باحدى هذه الدورات التي تعنى بتطوير القدرات والقابليات وكانت في العاصمة بيروت، بعنوان (فن العلاقات العامة) يقول : شاركت في دورة تطويرية اقيمت في بيروت مع قرابة 30 موظفا من الهيئة، في دورة اطلق عليها (تطويرية) لكن للاسف لم تكن كذلك. مبينا: ان المحاضر كان ضابطا في الجيش اللباني مثلما اخبرنا بذلك، وقد كلف باعطاء محاضرات مقابل اجرة يومية. مشددا: ان اغلب معلومات المحاضر كانت قديمة ولا علاقة لها بالموضوع، علما ان اغلب الوقت المخصص للدورة يذهب في احاديث جانبية.
اما (رنا سليم) في عامها الاول بالوظفية فذكرت: شاركت بدورة تطويرية في الجانب الاداري مع جمع من الموظفين اقيمت في اسطنبول / تركيا. بعضهم من القسم الاداري في دائرتنا وبعضهم الاخر من اقسام اخرى فنية وقانونية. مبينة ان الدورة كانت ترفيهية سياحية اكثر مما هي تطويرية، اذ كانت اغلب معلومات المحاضر قديمة ولا علاقة لها بتطوير القدرات والقابليات الادارية للموظف.
