يقول الكاتب النايجيري بَين أوكري في كتابه ( الطريق لأن تكون حراً A Way of Being Free ) : " إن السرد القصصي، الممارَس بوعيٍ تام و إحساسٍ منعَش بالمسؤولية، هو واحد من النشاطات الإنسانية الأكثر تحرراً و خطورةً ".و خلال حصولي على درجة التخرج الجامعي، تقو
يقول الكاتب النايجيري بَين أوكري في كتابه ( الطريق لأن تكون حراً A Way of Being Free ) : " إن السرد القصصي، الممارَس بوعيٍ تام و إحساسٍ منعَش بالمسؤولية، هو واحد من النشاطات الإنسانية الأكثر تحرراً و خطورةً ".
و خلال حصولي على درجة التخرج الجامعي، تقول الكاتبة روزي دَب، كانوا يعلّمونني أن الكتّاب لم يعودوا يحملون مسؤوليةً عما يبدعونه من أعمال. وفي أعقاب نظرية " موت المؤلف "، للفيلسوف والناقد الفرنسي رونالد بارث Barthes، وُضعت المسؤولية بحق على كتفي القارئ ــ فالكاتب هو الذي يُبدع أو يُكمل القصة. وبالرغم من أن كل قارئ، كما هو واضح، يأتي بسياق تاريخي، وثقافي، وشخصي للقصة، وهو ما يعني بشكلٍ ما أن القارئ " يُكمل " القصة و يُغنيها بتأويله الخاص، فمن الواضح أيضاً بالنسبة لي أن الكتّاب يقومون بدور كبير في إنشاء قصصهم، وهم يشرّبونها بمعتقداتهم الفكرية.
ووفقاً للكاتب الأميركي أيلوين هوايت، في مقابلة أجرتها معه باريس رفيو عام 1969، فإن "الكتّاب لا يعكسون و يفسّرون الحياة فقط، بل إنهم يشكلونها و يُبلغون عنها ". ومضى إلى القول إن الكاتب "يجب أيضاً أن يوفّر الإلهام، و التوجيه، و التحدي ... ". و مهما كان القصد الذي نرمي إليه، فإن كتّاب الأدب القصصي يساعدون على تشكيل العالم الذي نعيش فيه. لكن هل يعني ذلك أننا نحمل مسؤوليةً عن أعمالنا الإبداعية وننقل مسؤوليةً إلى قرّائنا، أو إلى المجتمع، أو الأرض؟ أعتقد بأننا نفعل ذلك. فإذا ما تقبلنا تلك المسؤولية يصبح عندئذٍ السؤال المنطقي التالي : أي نوع من العالم نرغب في المساعدة على تشكيله؟
وكما يكتب البروفيسور البريطاني جوناثان بلاك في ( التاريخ السري )، " إن الخيال هو المفتاح ". والخيال هو الهِبة الاستثنائية التي لا حدود لها. ونحن أحرار في أن نفعل به ما نشاء، لكن ربما علينا أن نتذكر أن الخيال ينطوى على سلطة. إذ أن الكيفية التي نستخدم بها خيالنا تحدد جزئياً الحياة التي نعيشها والمجتمع الذي نخلقه. والأدب القصصي هو فضاء التأمل، يمكن أن نفكر فيه على وجه الإمكان خارج الصندوق، حيث تلتقي خبرتنا، ومعرفتنا، ومعتقداتنا ويتم تحويلها من خلال خيالاتنا. ففي الخيال القصصي يمكننا أن نكون فاعلين. وفي الخيال القصصي يمكننا أن نسأل السؤال الحرج، وماذا لو؟ وفي الخيال القصصي يمكننا أن نحاول الإجابة على هذا السؤال.
عن:Centre for Story
الإشارات :
(1) يجادل بارث في نظريته هذه ضد طريقة القراءة والنقد التي تعتمد على سمات هوية المؤلف ــ رؤاه السياسية، السياق التاريخي، الدين، العِرق، السايكولوجيا، أو الميزات الشخصية أو الحياتية الأخرى ــ لاستخلاص المعنى من نتاج المؤلف. وفي هذا النوع من النقد، فإن خبرات المؤلف وانحرافاته تقوم بـ " تفسير " حاسم للنص.
(2) إلوين بروكس هوايت ( 1899 ــ 1985 ) كاتب أميركي له العديد من الكتب في الثقافة والأدب وأدب الأطفال.
(3) مؤلف كتاب ( التاريخ السري للعالم، التاريخ المقدس : كيف صنع الملائكة، والروحانيون والمخابرات العليا عالمنا ).