يعتبر الأورغن من بين أعقد الأدوات الموسيقية، وفي نفس الوقت يعد من بين أقدمها أيضاً. في هذين الخبرين بعض التناقض، فكيف يكون أحد أعقد الأدوات الموسيقية أقدمها؟ استعمل الاورغن منذ العصر الروماني، واستعملته أوروبا والبيزنطيين (الروم) من بعد، وعرفه العرب
يعتبر الأورغن من بين أعقد الأدوات الموسيقية، وفي نفس الوقت يعد من بين أقدمها أيضاً. في هذين الخبرين بعض التناقض، فكيف يكون أحد أعقد الأدوات الموسيقية أقدمها؟ استعمل الاورغن منذ العصر الروماني، واستعملته أوروبا والبيزنطيين (الروم) من بعد، وعرفه العرب في العصر العباسي أيضاً. لكن اورغن لم يتطور بشكل تدريجي وخلال زمن طويل مثل كل الأدوات الموسيقية الباقية، بل اخترعه شخص محدد نعرف حتى اسمه، وهو ليس موسيقياً بل مهندساً وعالماً يونانيا من الاسكندرية بمصر البطالمة اسمه تيسيبيوس (عاش بين 285 – 222 قبل الميلاد). ويمكن اعتبار هذا المصري – الهيليني مؤسس علم الهيدروليكا والنيوماتيكا (علوم استعمال السوائل والموائع في الميكانيك)، فقد صمم مضخات وساعات مائية وحتى أسلحة تعمل بضغط الهواء (اقتبسها منه ليوناردو دافنشي لاحقاً)، والاورغن من بين مخترعاته العديدة. ويستعمل تيسيبيوس في اختراعه هذا خزاناً مليئاً بالماء للحصول على تيار ثابت الضغط ومستمر من الهواء لتشغيل أنابيب الاورغن.
عثر على القليل من بقايا أجزاء من هذا النوع من الأورغن في أوروبا، وعلى اورغن كامل أيضاً سنة 1931، لحسن الحظ، بين آثار المدينة الرومانية القديمة المسماة آكوينكوم التي تقع اليوم في منطقة بودا القديمة من بودابست. فقد عثر علماء الآثار على 400 قطعة من هذا الأورغن، مثل الأنابيب والصمامات والعتلات وحتى على الواح الزينة ولافتة تشير إلى أن الأورغن هدية من غاليوس يوليوس فياتورينوس إلى جمعية الاطفائيين في سنة 228 ميلادية تقريباً. صنع الاورغن في الأصل من الخشب والجلد والمعدن (نحاس وبرونز) واحتوى على 52 انبوبا صفت في أربعة صفوف (كل صف من 13 انبوبا). جرى في سنة 1935 بناء نسخة من الاورغن استناداً إلى القطع التي عثر عليها بالاضافة إلى صنع نسخ لكل هذه القطع وضعت في عارضة إلى جانب نسخة الاورغن.
واختلفت الآراء في تقييم صوت هذه الأداة الجهنمية، فهناك من امتدحها مثل العالم الروماني الشهير بلينيوس، أما الخطيب تسيتسرو (شيشرون) فكان يمقت صوته. وذكر التلمود صوته واعتبره خشناً لا يناسب الغناء. وسمعه العرب كذلك عند الروم وقالوا عنه أنه من الأسلحة المرعبة التي استعملها الروم في حروبهم، ولا يمكن تحمل صوته.